منذ قراءتي لخبر «أعلنت غرفة جدة موعد إطلاق ملتقى التوظيف النوعي (كفاءات) بالتعاون مع الشركاء الداعمين والإستراتيجيين بهدف رفع معدلات التوطين»، وهناك مجموعة من الأسئلة الحائرة تجول بخاطري، منها: كيف يتم معالجة ملف البطالة المرتبط بمعيشة ومستقبل المواطن بهذه المعارض اليدوية والبدائية؟! كيف يمكن استيعاب الأعداد المهولة للعاطلين بهذا الحيز الضيق وبعز الحر والزحمة التي تعانيها المدينة؟!
ما فائدة المواد النظامية التي سنت منذ عدة أعوام لتنظم إلكترونياً عملية مراقبة وإحلال الوظائف الشاغرة بالكفاءات الوطنية؟! وما الذي كانت تفعله طوال السنين الماضية برامج السعودة؟!
وصلنا للألفية الثالثة 2022م، وأصبحت كل معاملاتنا الحكومية تنجز عبر التعاملات الرقمية، بينما الشركات الأهلية لا تزال تستغلنا وتستفزنا، حين تضطر شبابنا الباحثين عن وظيفة، للاصطفاف بالملف الأخضر وسط القايلة بكل عنصرية وبدائية!! وحتى لا أتهم بالتحامل، سأكشف بعض كواليس ملتقى التوظيف التي عددتها لي موظفة بقسم الـ(HR) بإحدى المنشآت المشاركة، حيث أوضحت: «كان التنظيم باليوم الأول يا أستاذ أحمد سيئ للغاية، توافد الآلاف من طالبي الوظيفة، ووقفوا بملفاتهم خارجاً لساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة، فيما عانينا نحن المشاركين: عدم وجود (باركن) لسياراتنا، عدم وجود (كافيه) أو (بوفيه)، عدم وجود طريقة لحفظ الملفات الورقية المتكدسة، عدم تجهيز شواغر كافية للحشود المتقدمة!!
هنا تتنهد أخصائية التوظيف قبل أن تسترسل قائلة: «والله يا أستاذ عجب بالعكس.. كثير جاءوا وتأفووا من عدم استلام (فايلاتهم) ومن مطالبة الأخصائية لهم بعد ازدحام المكان بالشهادات بارسال الـ(CV) على (باركود) الشركة، وقالوا أنتم جايبنّا هنا ليش وإلا بس تبغوا توروا العالم انكم بتوظفوا»، «وبغض النظر عن الطريقة إلا أن الخطوة مهمة، لأنهم التقوا بعدة شركات بمقر واحد وعرفوا بشخصياتهم، ولأن بياناتهم بتحفظ في (داتا) يتم الرجوع لها، ولأن الاخصائيين تعرفوا على بعضهم البعض ما يفتح أمامهم العروض الوظيفية المميزة»!!
وتختم الاخصائية بأهم مظاهر الكواليس قائلة؛ «اقتصر الحضور على المواطنين الباحثين عن فرص عمل مع وجود بعض الأجانب الباحثين عن عروض أفضل»، وهي مفارقة عجيبة للغاية، أن يبحث المواطن عن كسرة أو فتات وظيفة ببلده، بينما يرفل الأجنبي بالقطاع الخاص بنعيم وخيرات المناصب القيادية!!
الحقيقة أن حلول التوطين والسعودة لن تأتي عبر معارض بدائية، وإنما عبر الجهود الإلكترونية المنظمة التي اعتمدتها مؤخراً الموارد البشرية من خلال (المنصة الوطنية الموحدة للتوظيف) المهم أن يسبقها عمل جاد يتمثل بعمل حملة تصحيحية لا تتجاوز ٣ أشهر لملاحقة (مخالفي أنظمة العمل والوظيفة)، يتم خلالها قلب الطاولة واستخدام المادة 77 لإنهاء عقود الأجانب وإيجاد أكبر قدر ممكن من الفرص الوظيفية الشاغرة لإحلال الكفاءات الوطنية.
وأخيراً؛ إذا طرح عليك أحدهم لغز: ماهو الشيء الذي إذا أخذت منه زاد، فلا تجبه بقولك؛ الحفرة، لأنها قديمة، وجاوبه بقولك؛ العمالة الأجنبية!!.
وإذا حاول أحدهم اقناعك بأن تنظيم معرض بدائي هو أكبر دليل على الجهود المبذولة للسعودة، فتذكر (كواليس ملتقى التوظيف) وجاوبه؛ قديمة، بل هي فرصة سانحة للاستفادة من دعم (هدف) وحصد النطاق الأخضر وفتح الاستقدام على مصراعيه من قبل الشركات الوطنية!!