ما أجمل أن يخفق قلبك حبًا وعشقًا وشغفًا بمهنة قدر الله لك أن تمارسها بحب وأن تعيش لحظات الفخر والاعتزاز بدورك الذي تؤديه، نعم ما أقدسها من مهنة هي التعليم، والمعلمون والمعلمات هم ورثة الأنبياء والمرسلين، على عاتقهم يتعلم الأجيال ويتربى النشء، يستحضرون مجدهم وتاريخهم العريق ويؤمنون برسالتهم في هذه الحياة واصطفاء الله لهم من بين كل خلقه لتأدية هذه الأمانة العظيمة التي لا يقدر عليها كل البشر، هم الصفوة المختارة والله جل في علاه هو من أعلى شأنهم وقدرهم ومكانتهم وبلغهم عن طريق نبيهم الرسول المعلم خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم الذي قال (إن الله وملائكته، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت في البحر، ليصلون على معلم الناس الخير).
شكرًا من أعماق قلبي ومن صميم فؤادي لك والدي معلمي الأول وقدوتي في حياتي من تعلمت على يديك كيف يكون العمل أمانة عظيمة تستوجب شحذ كل طاقتك الفكرية والجسدية والنفسية لتعطي بلا حدود ولا تنتظر من أحد كلمة شكر أو عرفان لأنك دومًا وأبدًا تنتظر القبول من الله، عرفتك معلمًا مربيًا ومتعلمًا تستزيد من العلم والمعرفة والترقي في سلم التعليم على مر السنوات الأربعين التي قضيتها في أروقة المدارس، وعرفت معك حب العطاء والقدوة عندما كنت أراك تستقبل المعلمين والإداريين بابتسامة لا تفارق محياك حتى عرفت بها بين الناس وميزتك عن أقرانك، فاللهم بارك لنا في كبيرنا ومعلمنا وقدوتنا واجعل من قدرت أن يكون من أبنائه معلمًا خير خلف لخير سلف، ودومًا أردد سأظل ابنة المعلم التي يجري في عروقها حب العلم والتعليم وبكل فخر واعتزاز أقف لأقول اليوم بعد مسيرة عشرين عامًا قضيتها في العمل الإشرافي والخبرات المتنوعة كم أنا سعيدة جدًا أن أختم حياتي المهنية في الميدان التعليمي بين الأطفال الصغار في مرحلة الطفولة المبكرة وبمعية خيرة الناس من المعلمات والإداريات في بيئة تعليمية ترتقي بنا لنكون نبراسًا يحتذى به وليكون صرحنا التعليمي من منارات العلم والتعليم في وطني.
عدت بذاكرتي للمدرسة الأولى التي تلقيت فيها تعليمي واستحضرت أسماء معلماتي اللاتي أثرن في شخصيتي وتركن بصمة في ذاكرتي لا تمحوها السنين، حتى وصلت للمرحلة الثانوية ورأيت أمام عيني مديرتي الأستاذة القديرة هند الدخيل حاضرة أمام عيني وقد التقيت بها مؤخرًا في محفل يوم المرأة العالمي 2022م في المدينة المنورة وتحدثت إليّ وقالت: كم أنا فخورة بك طالبتي النجيبة.. تلك والله من أجمل لحظات حياتي ومازلت أحب سماع هذه الكلمات من أستاذتي ومعلمتي إيمانًا مني بما أوصانا الله به وهو بأن لا ننسى الفضل بيننا.
هي الحياة تعلمنا أن جيلاً يسلم الراية لجيل وكأننا في سباق التتابع، المهم أن نحافظ على قيمنا ونورثها للأبناء والأحفاد، المعلم يبقى صاحب المكانة الرفيعة وهو من تفسح له المجالس ويرفع شأنه ويعطى مكانته التي تليق به.
وتذكرت أول مدرسة عملت بها معلمة في محافظة الحناكية والمشوار الطويل والطريق الصعب الذي كنت أسلكه للوصول لمقر عملي انتظر كل يوم قبل الفجر وصول سيارة السائق بمعية المعلمات لننطلق معاً لتأدية مهمتنا العظمى وتمر الأيام والسنوات وهاهي الأحداث تتوالى في ذاكرتي ويبقى المشهد الذي لا يفارقني دومًا احتضان طالبة لي أو رسالة صادقة أو وردة في كتابي أهدتني إياها إحدى طالباتي يومًا لتكون كل هذه الذكريات الجميلة الكنوز التي جمعتها ولا تقدر بثمن.
هنيئًا لكل معلم ومعلمة استشعروا قيمة العمل الذي يقدمونه كل يوم والأثر الذي يتركونه بين طلابهم والبركة التي تحل عليهم وعلى ذرياتهم وعافيتهم وبيوتهم فوالله لن يضيع تعبك ولا بذلك الذي بذلت ولا مالك الذي صرفت ولا إبداعك ولا إخلاصك ولا جهدك وتفانيك.. وقد رأيت بأم عيني كيف تكون البركة في بيوت المعلمين والمعلمات متى ما تعاملوا مع الأمانة كما ينبغي مع استشعار بأنهم مقصرون وكلنا نطلب العون والتسديد والتوفيق من رب العالمين.
مهنة التعليم تحمل الكثير من الأسرار والقصص والحكايات والروايات لا يعرف أسرارها إلا من امتهن هذه المهنة الشريفة، فهناك الكثير من الأسرار لا يمكن البوح بها فنحن مربون لا معلمون فقط.
التعليم رسالة وللمعلم قدره ومكانته فهو من يتحمل إعداد جيل المستقبل ويقود عمليات التغيير لمواكبة الرؤية الوطنية، ونحن في عام دراسي جديد نتفاءل بتحقيق أعلى المنجزات المتميزة برؤية مستقبلية مشرقة، وغدًا بإذن الله أجمل في ظل قيادة حكيمة تعطي كل ذي حق حقه وتعلي من قدر العلم وأهله. معًا نعمل من أجل تحقيق معايير التحول في التعليم على أيدي خيرة المعلمين والمعلمات من أبناء الوطن الغالي.