يمر الواحد منا في حياته بمراحل عمرية مختلفة تؤثر في تكوينه النفسي وسلوكياته وتبني شخصيته، تبدأ هذه المراحل بسن المراهقة عندما يبدأ الطفل المراهق أو الطفلة في الإحساس بأنه لم يعد يستطيع التصرف بعفوية، وعندها يصطدم ببعض السلوكيات التي وضعها المجتمع والتي تضعه في حيرة لتصنيف نفسه إن كان شاباً ناضجاً مسؤولاً عن تصرفاته أم هو لا يزال طفلًا يخطئ ويتجاوز من حوله عن أخطائه.
ثم تأتي أزمة العشرينيات والتي تعتبر من أخطر المراحل العمرية في حياة الإنسان لأنه ربما يقوم الواحد منا باتخاذ قرارات قد يحمل تبعاتها طوال حياته، في منتصف العمر، يبدأ الأربعيني بتقييم حياته: ماذا فعل؟ وماذا كان يريد أن يفعل؟ وماذا عليه أن يفعل الآن؟ وهل يمكنه المحاولة مرة ثانية؟ أم أن عليه الرضى بالواقع وتمضية بقية حياته.
في منتصف العمر والذي عادة يكون في الفترة العمرية من 35 إلى 55، يحدث الجدل حول الفرق بين الرضى والخنوع، لأن هناك شريحة من الناس من ينخدع بمعنى الرضى ويحوله إلى استسلام.
وظهرت عبارة «أزمة منتصف العمر» لأول مرة حينما استخدمها إليون جاك عام 1965م، ثم استخدمت على نطاق واسع من قبل علماء النفس، وتشير إلى المتغيرات التي تحدث في الفترة الانتقالية بين الشباب والشيخوخة، وهي أزمة عالمية لا تختص بجنس أو عرق، ولكن أسبابها تختلف حسب ثقافة الشعوب وعاداتهم وتقاليدهم.. فبينما يعاني الإنسان الشرقي في الأربعينيات من قلة فرص العمل وقصورها على وظائف لا ترضي طموحه، يعاني الغربي من كثرة التجارب التي يمر بها في حياته في محاولة لتحديد ماذا يريد، وغالباً يمر خلالها بالعديد من الإخفاقات ويعاني بسببها من الوحدة والانعزالية.. والغريب أنهم يتفقان في الإحساس بأن العمر قد مر سريعاً والحيرة التي تؤرقهما حول كيفية التصرف في البقية الباقية من العمر.
لذلك فلنعلم أبناءنا على انتهاز الفرص وأن العمل ليس عيباً والتميز يحتاج إلى التجديد، بينما النمطية في التفكير والتقليد تقتل الابداع وتولد الياس والإحباط.