التناقض في السياسة البترولية التي تتبعها إدارة بايدن؛ دفعت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية إلى السخرية من بايدن وشركاؤه في الحزب الديموقراطي، قائلة: «إن الخطة العبقرية للرئيس بايدن والديمقراطيين في الكونجرس هي تهديد السعودية وأوبك بأن عليهم تنفيذ ما يريده بايدن منكم، وإلا فإن الولايات المتحدة ستطلق النار على نفسها». إذ أن السياسة الحالية للنخبة المتطرفة من اليساريين الديمقراطيين الذين استولوا على البيت الأبيض برئاسة جو بايدن، هو إيقاف إنتاج البترول في أمريكا، وإبعاد حلفاء واشنطن، كما تقول الصحيفة، الذين يمكن أن ينتجوا المزيد من البترول عوضاً عن ذلك. يقوموا بالتوسل إلى خصوم أمريكا، إيران وفنزويلا، لكي يبيعوا المزيد من البترول.
شخصياً، تفاءلت عندما انتخبت أمريكا جو بايدن لرئاستها، نظراً لخبرته السياسية الطويلة والواسعة، مما كان يُبشِّر بأنه بالإمكان دخول السياسة الأمريكية مرحلة توازن ووسطية. وإذا بنا نفاجأ بأن بايدن ليس هو الرئيس الفعلي للبلاد، إذ أحاطت به مجموعة من المتطرفين اليساريين تحت رعاية بضعة من البليونيرات الذين تبنّوا باراك أوباما، وجعلوه الأب الروحي لليسار الأمريكي المتطرف. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الرجل، أي بايدن، يعيش آخر أيامه مع أمراض الشيخوخة التي تُؤثِّر على حكمه على الأمور، مما يجعله يعتمد على النخبة التي أحاطت به في كل شأن من أمور إدارة البلاد.
وعندما أطلقت روسيا حوالى مائة قذيفة على أوكرانيا خلال يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، (بالرغم عن أن الغرب يقول إن الضربات الروسية استهدفت المدنيين، إلا أن عدد من أعلن أنهم قتلوا لم يتجاوز 19 شخصاً)، انشغلت أجهزة الإعلام الأمريكية بتوبيخ الملياردير «إلون ماسك»، المعتدل سياسياً، الذي وفر، على حساب شركته، أقماراً صناعية لاستخدام أوكرانيا في مجال الاتصالات، حين طلب من البنتاجون تخصيص جزء من ميزانية الحرب الخاصة بالدفاع عن أوكرانيا للصرف على هذه الأقمار الصناعية التي تُكلِّفه أكثر من مائة مليون دولار. واندفعت أجهزة الدولة الأمريكية للتحقيق في سعي «إلون ماسك» للسيطرة على تويتر، والتي يخشون أن يستخدمها لنشر الوسطية، بعيداً عن اليسار المتطرف، والتي عبر عنها بوضوح، مما يُؤكِّد التخبط الذي تعيشه إدارة بايدن في سياستها الداخلية والخارجية.
السعودية عبَّرت عن أن سياستها قائمة على الحفاظ على مصالحها، كما كانت في السابق، وأنها ترى، حتى الآن، أن لها مصالح مع أمريكا تحرص عليها. إنما لا تقبل أي إملاءات. وإذا كانت وسائل الإعلام الأمريكية اليسارية وأعضاء الكونجرس المتطرفين يستهدفون الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، فعليهم تقبُّل أن هذا خيار سعودي، وأن شعبية الأمير محمد بن سلمان في السعودية كبيرة جداً، بين الشباب خاصة، وهم أغلبية الشعب السعودي، والمواطنين عامة. وأنه أصبح مَثَلا يستشهد به، بشكل متكرر، الكثير من شباب الدول المجاورة، طمعاً في الفوز بقائد جيد مثله في بلدانهم. وعلى العالم معرفة، أن هذا الرجل سيكون، برغبة سعودية خالصة، زعيماً لهذا البلد لعشرات السنين القادمة. وعليهم التعامل معه، والقبول بموقعه في قلوب شعبه. وليس سراً أن البترول السعودي أصبحت الصين تستورد كميات منه أكبر مما تحصل عليه أمريكا، وأن المصلحة الاقتصادية للسعودية والصين تتطلب مزيداً من التقارب، وبالتالي فإن كانت رغبة أمريكا الهيمنة على الاقتصاد العالمي فعليها أن تأخذ هذه الوقائع بالحسبان. حيث أخذت الصين تبني أسطولاً بحرياً ضخماً تستهدف به حماية خطوط الإمداد من الخليج إلى الصين.
يوم السابع من أكتوبر، هذا الشهر، نشرت الفايننشال تايمز البريطانية تصريحاً أدلى به «آموس هوكشتاين»، مستشار بايدن حول الطاقة العالمية، (ويقوم بدور وسيط بين حزب الله في لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية حتى تتمكن إسرائيل، وكذلك لبنان، من التنقيب عن النفط في البحر الأبيض المتوسط) قال فيه «هوكشتاين» في مقابلة تلفزيونية بعد اجتماع أوبك بلس: تحدثنا خلال الشهور الماضية مع قيادات الشركات الرئيسية المنتجة للبترول، لتحفيزهم على إنتاج المزيد من النفط. وإذا كان هذا يحدث فعلاً، فإنه أمر سيعيد الثقة بوجود مراجعة عقلانية للسياسة النفطية لأمريكا. salah2048@yahoo.co.uk