بعث إليَّ أخي العزيز الدكتور عبدالله الطائر، نسخة إلكترونية باللغة الإنجليزية من مذكرات رئيس المفوضية الأمريكية في جدة عام 1944م، «ويليام إيدي»، والتي تم إصدارها في كتاب نُشر عام 1954م، بعنوان: «فرانكلين روزفلت يجتمع بابن سعود»، شخصياً وجدتُ متعه في قراءة هذه المذكرات لسببين، الأول: إني استعدتُ لياقتي اللغوية، والثاني لمعرفة ما دار في لقاء المؤسس والرئيس روزفلت. قال إيدي: خلال شهر فبراير عام 1945م، تم إبلاغي برغبة الرئيس روزفلت للقاء الملك عبدالعزيز وهو في طريق عودته من مؤتمر يالطا، على ظهر بارجة أمريكية في البحيرات المرة بقناة السويس، وكانت مهمتي ترتيب هذا اللقاء، لم يكن على علم باللقاء سوى الملك عبدالعزيز ووزير خارجيته بالإنابة يوسف ياسين، إضافة لموظف الشفرة في المفوضية، وزوجتي وأنا. في 14 فبراير عام 1945م، وصلت الباخرة «ميرفي» التي تقل الملك عبدالعزيز، والباخرة «يو إس إس كوينسي» التي تقل الرئيس روزفلت، تحدث الزعيمان لمدة ساعة وربع، ثم توجَّها لتناول الغذاء.
يقول المؤلف: حدثت الألفة بين الرجلين لدرجة أن روزفلت لم يدخن مطلقاً أمام الملك عبدالعزيز تقديراً له، وهو المعروف عنه أنه مدخن شره، وبدأ كلاهما في التركيز على مستقبل الأمور الثنائية بين المملكة وأمريكا، بعد الغداء عقد اجتماع بين الزعيمين بحضوري ويوسف ياسين مترجم الملك لمدة خمس ساعات، يقول: إنه الوحيد من الجانب الأمريكي الذي كان على علم بما دار في المحادثات بين الرجلين، يقول إيدي عن اللقاء: كضيف لم يرغب الملك في الحديث عن أي موضوع قبل أن يتحدث مضيفه، ولعله من الأمانة أن أشير إلى أن الملك عبدالعزيز، وعلى الرغم من حاجة بلاده للدعم الاقتصادي في تلك الفترة، وهي ما قبل اكتشاف النفط، إلا أنه لم يتطرق إلى ذلك، في اللقاء تحدث روزفلت عن رغبته في معرفة رأي الملك فيما يتعلق بمشكلة اللاجئين اليهود الذين عانوا من الاضطهاد النازي، ورغبتهم في الهجرة لفلسطين، كان رد الملك مباشر وواضح -والكلام لإيدي- أعطهم أراضي الألمان الذين اضطهدوهم، ورد روزفلت بأنهم لا يثقون بالألمان ويرغبون في الهجرة إلى فلسطين، فرد الملك بأنه ليس لديه شك في أن اليهود لديهم سبب مقنع في عدم ثقتهم بالألمان، غير أني متأكد أن الحلفاء سيساعدون بعد تدميرهم القوة النازية على حماية ضحاياها من اليهود وغيرهم.
وعند محاولة روزفلت العزف على وتر الضيافة العربية ومساعدة الملك في حل المشكلة الصهيونية، رد الملك -والكلام لا يزال لإيدي- دع الظالم يدفع الثمن، إنهم الألمان الذين سلبوا أموالهم وأراضيهم وليس العرب، وقد تم نشر الوثيقة الرسمية عن اللقاء عن طريق مكتب المؤرخين في الخارجية الأمريكية، والتي يتطابق مع ما قاله إيدي في مذكراته حول القضية الفلسطينية.
رحم الله الملك المؤسس عبدالعزيز، وحمى المملكة وقيادتها وشعبها من كل سوء ومكروه.
B.assas@hotmail.com