يؤكد بعض خبراء الإدارة أن المدير الجبان (الخوّاف) أكثر سوءاً من المدير المتسلّط، وأشدّ منه خطراً، بسبب تردّده وتأخره في كل شيء، فهو لا يجرؤ على إصدار القرارات؛ خوفاً من العواقب التي يتوهّمها، ويمتنع في نفس الوقت عن التفويض لعدم ثقته بمن حوله، فضلاً عن ضعفه الظاهر وعدم قدرته على إنصاف الموظفين وحمايتهم، أو حتى رد حقوقهم ومظالمهم. ففاقد الشيء لا يُعطيه، وإذا كانت الأيدي المرتعشة لا تصنع قراراً كما يقولون، فإن الإدارات المرتعشة لا تصنع شيئاً البتة، فالخوف الكامن في نفوس مسيّريها وعقولهم يمنعهم من التحرك، إمّا خوفاً على كراسيهم ومصالحهم الشخصية، أو تحسباً من ارتكاب خطأ، أو لمجرد خشيتهم من الموظفين، أو حتى خوفاً من المجهول!.
من أهم علامات المدير الجبان؛ أنه يسير دائماً (جنب الجدار)، لا ينتقد مهما كان العمل سيئاً، ويتجنب الخوض في المشكلات، محاولاً شراء ولاء من حوله بالموافقة على أي فكرة يطرحونها، ولديه وسواس دائم أنه مراقب.. إلّا أن أكبر مساوئه على الإطلاق؛ رعبه الشديد من المواهب والكفاءات وأصحاب الشخصيات القوية!.
العمل مع المدير (المرتعش) مغامرة غير مجدية في الغالب، خصوصاً للموظف الموهوب أو الطموح، فالبيئة التي يصنعها هؤلاء المرتبكون قاتلة للإبداع، وغير مشجِّعة، فضلاً عن أنه قد يتخلَّى عنك كلياً عند أدنى مشكلة، وهذا أمر متوقع ممن يدير العمل تحت تأثير فوبيا الخوف، مما يجعله فاقداً للقدرات، محدود الصلاحيات، مخيبًا لآمال من يعملون معه.
إن كنت تسأل الآن: من أين تأتي هذه الشخصيات الهزيلة العاجزة؟، فسأقول لك: إنهم يأتون في الغالب من بوابة رؤسائهم السابقين.. فمعظم الرؤساء المتسلّطين يحيطون أنفسهم بشخصيات هزيلة مهزوزة؛ لا تشكل عليهم أي خطر، والكارثة أنهم يورّثونهم مناصبهم لكي يصبحوا امتداداً لهم، ولكي يديروهم بـ(الريموت كنترول) من منازلهم فيما بعد!.
أختم بطرفة تُجسِّد حال هذه الشخصيات العاجزة التي شلّ الخوف غير المبرر كل قدراتها، وقزّمها؛ رغم كل إمكاناتها الضخمة، مما جعلها إدارات مخيبة لتطلعات كل من حولها.. تقول الطرفة أن رجلاً أراد شراء سيارة مستعملة، وبعد عناء وجد سيارة قديمة يعلوها الغبار بثمنٍ مناسب، أراد صاحب المعرض أن يرفع من شان سيارته القديمة، فمسح جانب السيارة ليخرج منها مارد ضخم وهو يقول: «شبيك لبيك أي خدمة يا سيدي؟»، فقال له صاحب المعرض: «هات لنا اثنين شاي»، وفي الحال كان الشاي أمامهما. انبهر صاحبنا المشتري بالمارد العملاق، فدفع المبلغ وخرج مسرعاً للصحراء، وهناك مسح جانب السيارة، ولما خرج له المارد الضخم قال له على عجل: أريد قصراً ومالاً وطائرة ويخت وووو....، فقاطعه المارد قائلاً بحزن: «على مهلك، على مهلك.. أنا حدّي شاي وقهوة بس»!.