طبعاً لا يُعْلى على حفاوة أولياء أمورنا في المملكة العربية السعودية بمواطنيهم وتكريمهم في اللقاءات الأسبوعية بدءاً بمجلس خادم الحرمين الشريفين، ثم مجلس ولي عهده -حفظهما الله- وكذلك مجالس أمراء المناطق.
وأرغب في نقل صورة حضرتها بنفسي في دولة البحرين الشقيقة قبل 50 عاماً عندما بعثني والدي -رحمه الله- لمهمة خاصة.. وأثناء تناول الإفطار في أحد الفنادق تحدث إليَّ شخص بحريني فاضل من باب التعارف، ولا أذكر من اسمه إلا الأخير وهو: «كانو».. وأسرة «كانو» من الأسر الأرستقراطية المعروفة في البحرين.. وسألني آنذاك إذا كان عندي متّسعٌ من الوقت أن يقوم بتعريفي على بلده، وبعدها أرافقه لزيارة مجلس أمير البحرين الذي كان موعده في ذلك اليوم؛ ففرحتُ جداً.. وصلنا إلى قصر سمو الأمير الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة -رحمه الله- الساعة العاشرة صباحاً، ودخلنا مجلس الاستقبال، وكان ضخماً وفخماً.
وخلال نصف ساعة أعلن الحرس بوصول سمو الشيخ، وعندما دخل سموه على المجلس ألقى على الحضور تحية الإسلام، واستقر مكانه في صدر المجلس.. من هنا بدأتْ المَشاهد التي رأيتها بعيني، حيث التفتَ سموه إلى يمينه وصبّح على الجالس بجانبه، ثم صبّح على الذي بعده، وهكذا لآخر الصف الأيمن الذي يضمّ أكثر من 50 شخصاً، طبعاً كان يقلّب أوراقاً في يده ومستمرّاً في إلقاء تحيته إلى نهاية الصف.. ثم نظر إلى الصف الأيسر الذي كنتُ فيه بمعيّة الأستاذ كانو، وبدأ بإلقاء التحية على الجميع فرداً فرداً.
مكث قليلاً وأشار إلى شخص بطلب القهوة للحضور، فدخل مجموعة من الرجال حاملين الدلال، وصبُوا القهوة للجميع، ونظر مرة أخرى إلى الشخص القريب منه، وطلب الشاهي للجميع، وتم ذلك.. ثم طلب العصير، وجيء بالعصائر الطبيعية للحضور.. ثم جاء دور عطر دهن العود، وحصل كل فرد في المجلس على شيء منه، ثم طلب البخور، وجاءت المباخر الأميرية، ونال منها الجميع، وأخيراً طلب -رحمه الله- رشّ كل شخص في المجلس بماء وردٍ عجيب ذي رائحة فوّاحة.. ثم ساد صمتٌ مهيب، وبعده قام سموّه إلى مكتبه الخاص لاستقبال ذوي الحاجات.. وهكذا خرجتُ ذلك اليوم من القصر الأميري بمرافقة الأستاذ كانو وكأني عريسٌ، وبروائح أميرية نادرة من عطر وبخور وماء ورد.
أسأل الله أن يديم هذه النعم الجزيلة والأمن والاستقرار على جميع حكامنا وعلينا خاصةً، آمين.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
