واجهت قطر، نتيجة لاستضافتها كأس العالم، موجة عنصرية بغيضة، شنتها أجهزة مختلفة في الغرب ابتداءً من أجهزة الإعلام، وشملت كل الهيئات التي تدَّعي الدفاع عن حقوق الإنسان، بدون النظر إلى أن مستوى الحياة في قطر، مثلها مثل العديد من دول الخليج يعتبر من أفضل المستويات في العالم، وأن المواطن القطري، بل وحتى الغالبية من المقيمين، راضون عن حياتهم ونظام حكمهم، أكثر من رضاء الغالبية في الدول الغربية بسياسات قادتهم؛ التي تؤدي إلى الحروب ونكد العيش. وانتقدت قطر لأن نظامها لا يعترف بالشواذ من الجنسين، وأن النساء لا مكانة لهن في المجتمع، (وهذا كذب وتحريف)، وأن الدولة ورجال الأعمال يتعاملون مع العمالة الوافدة بازدراء، ولا يُوفِّرون لهم مواقع عمل مريحة، بل إن عدداً من العمالة التي شاركت في بناء الملاعب وغيرها مما يُستخدم في احتفالات ومناسبات كأس العالم في قطر قد ماتوا، نتيجة لسوء المعاملة، وهو أمر لم يتم تقديم أدلة حقيقية عنه. بل لم تسلم قطر من اللوم لأن المناخ فيها حار. وأهمل من يهاجمون المناخ الحار القول بأن هناك عدداً من الفعاليات خلال كأس قطر ستتم في أجواء مكيفة الهواء وباردة.
أنفقت قطر خلال السنوات الماضية، التي استعدت فيها لهذه المناسبة، ما يقرب من ثلاثمائة بليون دولار لتقديم خدمات مشرفة للبلاد خلال فعاليات الألعاب والاحتفالات ضمن كأس العالم. ويتوقع أن تكسب الفيفا من هذه المناسبة حوالي 5.4 بليون دولار. لكن العنصريين الغربيين أصروا على مهاجمة قطر من خلال سجلها في حقوق الإنسان الذي قاموا هم بإعداده. بل وأثاروا ضجة كبيرة عندما قنَّنت قطر، بموافقة الفيفا، شرب (البيرة) داخل الملاعب ومناطق حولها لبعض الوقت. وقالت صحيفة الوول ستريت جورنال، الأمريكية، أن حوالى ثلاثة آلاف مواطن بريطاني من ويلز قرروا الذهاب إلى جزر كناري بإسبانيا خلال فعاليات المباريات، ليستمتعوا بمشاهدتها في الحانات وهم يشربون (البيرة)، ويتفاعلون بالصريخ والعراك فيما بينهم.. ومن المتوقع أن يسعى عدد من هؤلاء العاجزين عن فهم كيف يعيش العالم، أو تم غسل عقولهم، وبنوا لأنفسهم أبراجاً استعمارية عالية ينظرون عبرها بعنصرية مقيتة إلى بقية العالم، وخاصة المسلمين والعرب. ومن المتوقع أن يسعى هؤلاء للاستفادة من تسليط الرأي العام العالمي على مباريات كأس العالم؛ ببث سمومهم عبر تعابير خاصة بهم داخل وخارج الملاعب، بما في ذلك رفعهم أعلام الشواذ العنصرية التي تمثَّلت في نخبٍ معينة من المواطنين في الغرب، وتمثلت في حركة الصحوة اليسارية المتطرفة التي أسموها (تقدمية)، والتي نشرت سمومها، وخاصة في واشنطن، ووصلت - كما يقول كاتب في الوول ستريت جورنال في مقال نشر يوم 18 نوفمبر الجاري - إلى بعض أفراد الحكومة والقوات المسلحة ورجال الأعمال والمدرسين والمثقفين والإعلام، وهذه أزمة يُواجهها الغرب، وأخذ أخيراً يتنبه لها، وبدأت مواجهة من جانب الوسط الأمريكي، واليمين المعتدل والمتطرف لمواجهة هذا المد الذي يسعى لإفساد البشرية. ومن المؤكد أنهم سيتمكنون من لجم اندفاع اليسار المتطرف، ولكن هناك أضراراً وقعت وستقع، إلى جانب أنه ليس من الواضح المدة التي سوف تستغرقها عملية تصحيح ما أفسده اليساريون خلال أعوام طويلة داخل المجتمع الأمريكي، وعدد من المجتمعات الغربية.
إلا أن علينا، وخاصة في دول الخليج، أن نعد العدة لقيام بنيان اجتماعي قوى يمنع أو يُقلِّل إصابة مجتمعاتنا الشابة بالفساد الذي يبثه هؤلاء باسم التقدمية والإصلاح. وسنحتاج إلى تفعيل مجلس التعاون الخليجي (كمؤسسة) تُمثِّل دول الخليج، بحيث يقف المجلس صفاً واحداً في مواجهة ما يُوجَّه إليه من إساءات، وما يُحاك ضده من مؤامرات. ولدينا قيادات شابة ذكية وقادرة على توحيد الجهود في جبهةٍ واحدة، ولابد من الاستفادة من ذلك بالخروج من إطار المكونات القديمة، وإنشاء مركز بقيادةٍ واحدة، بهدف توحيد الجهود وإقامة جبهة دفاعية قوية.