النظر إلى الأسواق بأنها تصعد وتهبط في نفس الوقت، مجحف بحق الشركات في هذه الأسواق، نظراً لأن الأسواق تتأثَّر بظروفٍ مختلفة، ويحكمها الاقتصاد الذي تعمل فيه، فالنظر الأول لأي سوق استثماري؛ يتم من خلال النظر لاقتصاده المحلي ونموه، والقدرة على الاستمرارية فيه، حيث يعتبر الاقتصاد المحلي مُوثِّر قوي في الشركات المحلية، ولعل العولمة والنظر إلى الاقتصاد العالمي قبل المحلي كان له أثره في العقدين الماضيين بسبب توفُّر أعداد كبيرة من الشركات العالمية؛ استطاعت أن تُوثِّر في المستثمرين، وتجذب للشركات الاستثمارات بصورةٍ كبيرة، وأصبحت مقياساً أثَّر على الأسواق المالية في مختلف دول العالم، وعلى أسلوب ونظرة التقييم المالي لهذه الشركات، الأمر الذي حجَّم النظرة للاقتصاد المحلي وللأسواق المحلية، وخاصة الناشئة، ولكن مع بداية العقد الحالي والوباء الذي حل؛ نجد أن النظرة عادت للاقتصاد المحلي في ظل التضخم والنمو، وتفاوت قدرات الدول على الصمود أمام التغيُّرات التي حلَّت، يُضاف لها أحداث حرب أوكرانيا والعقوبات على روسيا، ومعها تدهورت دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي قدرة الشركات على التفاعل والتحرك في ظل التذبذب في الأسواق العالمية، وفي الاقتصاديات المحلية، الأمر الذي يعيدنا إلى نقطة البداية، والنظر إلى أداء الشركة وأداء الاقتصاد الذي تعمل فيه عند اتخاذنا لقرارنا الاستثماري وفي اختيارنا للشركة، الأمر الذي يرجعنا للأسس عند بناء المحفظة ومراعاة الشركات والأسواق التي تخدمها، ودرجة قوتها ونموها واستمراريتها، والنظرة الكلية للشركات العالمية، والتحرر من الأسواق والاقتصاديات المحلية يُوثِّر على القرار، والناظر إلى الاقتصاد السعودي حالياً بالرغم من نموه، ومعدلاته المرتفعة، وتحسُّنه مقارنةً بالدول الأخرى، ومع تحسُّن أداء وربحية الشركات، يستغرب الضغط المستمر عليه، وسحب السوق بصورةٍ مستمرة. فحتى الأخبار الإيجابية، التي تصدر من قِبَل الدولة وتوجُّهاتها والخطط والمشاريع، ليس لها تأثير علي سوق المال، ومن المفروض أن يكون هناك نوع من النظرة الإيجابية تجاه السوق والشركات من زاوية النمو والتوسُّع في الإنفاق، والاستثمارات الحكومية، والتحسُّن الملموس في نمو الاقتصاد المحلي وانعكاسه على السوق المحلي إيجاباً وليس سلباً.