لا شيء في الدنيا يقوِّي الأوطان إلّا قوة وتماسك الجبهة الداخلية لها، فإذا حدث خلل فيها؛ سمحت لقوى الشر والعدوان العبث بتلك الأوطان.
لقد أنعم الله على الإنسان بالعقل ليميزه عن سائر المخلوقات، وبالتالي فهو محاسب على أي انحراف أو جحود بنعم الله عليه، وفي طليعتها نعمة الأمن والأمان والاستقرار.
نسأل الله أن يلهمنا جميعاً الرشاد في القول والعمل. فإذا أدركنا ما يحيط ببعض الأوطان، استلهمنا العِبَر، حتى لا نقع في أي محظور يخل أو يُضعف الجبهة الداخلية، فآمالنا وأهدافنا وكل تطلعاتنا هي مكامن القوة نحو مرحلة تنموية غايتها إنشاء مجتمع نابض بالحياة في وطن طموح ليس لتطلعاته حدود.
من يتتبع أنباء الوطن ونشاطات العاملين المخلصين فيه يشعر بالغبطة لما تم إنجازه على أصعدة عديدة، في طليعتها الصعيد الاقتصادي، حيث أصبحت بلادنا بحمد الله في ظل التحولات الكبرى القائمة فيها تحتل الريادة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
ولعل هذا الحراك المكثف في حجم القمم والمؤتمرات التي تعقد في المملكة؛ يقف شاهد إثبات على المكانة المرموقة التي تتبوأها بلادنا.
حزمةٌ من المؤتمرات والملتقيات التي تم عقدها مؤخراً في المملكة كان آخرها قمة المجلس العالمي للسياحة والسفر؛ التي أقيمت في الرياض خلال الفترة من 28 نوفمبر إلى 1 ديسمبر، وعكست أبعاداً إنسانية واقتصادية جسدت حرص المملكة على إضافة قيمة لقطاعها السياحي في خدمة التنمية المحلية والعالمية، وتعزيز جودة الحياة، وتمكين الشباب في المجتمعات البشرية، وليزدان ذلك كله بذلك الحراك الاقتصادي التنموي في منتدى الاستثمار في عسير الذي عقد بالأمس خلال الفترة من 2 إلى 3 ديسمبر الجاري لعرض الإمكانات الاستثمارية غير المستغلة التي تتمتع بها المنطقة؛ في ظل الرؤية التنموية للمملكة التي تسعى لتحقيق التنمية والتنويع الاقتصادي والإثراء المعرفي.
وقد سبق ذلك سلسلةٌ من المؤتمرات والقمم التي عقدت بالرياض مؤخراً، منها القمة العالمية للذكاء الاصطناعي، ثم مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، وليأتي إعلان سمو ولي العهد إطلاق النسخة الثانية من مبادرة الشرق الأوسط الأخضر ومبادرة السعودية الخضراء بالتزامن مع قمة المناخ في مدينة شرم الشيخ المصرية، ليؤكدَ انشغال المملكة بهموم البشرية، وحرصها على ما يحقق للمجتمعات الإنسانية أمنها واستقرارها ورخاءها.
إن الحضور الملفت للمملكة في مختلف المحافل العالمية، وهذا الحراك التنموي المستمر فيها بكل ما تمخض عنه من مكتسبات، جعلها مقصداً لدول العالم قاطبة، باعتبارها نقطة ارتكاز في المعادلة الاقتصادية العالمية، بكل ما تتمتع به من ميزات تنافسية انطلاقاً من موقعها الإستراتيجي ومكانتها الدينية وقوة اقتصادها، وقبل ذلك متانة جبهتها الداخلية والتفاف مواطنيها حول قيادتهم الحكيمة مجسِّدين بانتمائهم ووفائهم أبعاد العلاقة الفريدة بينهم التي تزدان بثنائية الحب والولاء.