يقول أحدهم: اضطررت بعد هطول الأمطار الغزيرة، لإدخال سيارتي الورشة من أجل إصلاح بعض الأعطال، وأمام هم التكلفة الباهظة، وهم كيفية العودة، وقفت بجانب الطريق متصلاً بتطبيق شركة توصيل، ليأتيني الرد؛ (جاري البحث عن كابتن)، وهكذا ظل يخبرني كل دقيقتين أنه (تم إيجاد كابتن)، ليتهلل وجهي فرحاً قبل أن أتفاجأ في كل مرة برسالة محبطة: (معذرة.. ألغى الكابتن المشوار)!!
غريبة، هل هؤلاء يعملون أم يلعبون؟!
هكذا جال السؤال المحير بمخيلة الراوي وهو يقرأ ممتعضاً رسائل اعتذار التطبيق المتواصلة؛ (سنجد لك الآن كابتن جديد) و(يبدو أن هناك زحمة، ولكن أبقى معنا) ليتمتم متجهماً؛ «يعني وين باروح أطير»، فيما استمر التطبيق وسط اعتذار (الكباتنة) باستفزازه برسالة: (نحن نبذل ما في وسعنا للعثور على كابتن متاح)، حتى بقي على ذلك الحال قرابة الساعة الكاملة!!
ثم يكمل الراوي وهو يبتسم ساخراً؛ ههه..، وبعد عناء وصلتني الرسالة المنتظرة؛ (الكابتن في طريقه إليك)، ليظهر شاب من ذوي البشرة السوداء، وحين وصل كان غاية بالذوق والأناقة، لأبادره بعد التحية بسؤال؛ غريبة قبلت المشوار؟!
ليحدق بي قائلاً؛ أنت اللي غريبة ما ألغيته بعدما شفت صورتي؟!، لأسأله ولماذا يلغي الكابتن المشوار عادةً؟! ليرد ببراءة: ربما لأن مشوارك قريب أو لأنك ما حددت وجهتك أو ربما لأن الكابتن امرأة ما تقبل رجال!
هنا رمق الراوي الكابتن وقال بكل صراحة؛ وربما لأن الكابتن رجلاً وشاهد اسمي فالغى المشوار لأنه «ماخذ المهنة وناسة وتعارف»، ليتنهد هنا ويفتح قلبه؛ نعم هذه الفئة المراهقة خربت علينا، وقد خسرت حوالى 7 آلاف ريال منذ امتهاني للأجرة بسبب ظن بعض الراكبات بأنني مثل هؤلاء، فتركب وعندما تصل وجهتها وأطلب الأجرة تتفاجأ، ثم توعدني بأنها ستحولها من حساب والدها، وفي الأخير (تسحب عليّ)!!
ويختم الراوي حكايته قائلاً؛ ولأنني لمست صدقه سألته: ولماذا ظننت أنني سألغي الرحلة حين شاهدت صورتك بالتطبيق، ليجيب؛ لأن البعض يلغونها بداعي العنصرية، وهذا يؤثر على تقييمي، علماً بأن هذه المهنة مصدر رزقي وأنا أصرف على أمي المريضة وأختي المطلقة وأولادها، وهنا وصلت لوجهتي، وأخرجت ورقة 100 ريال، وحين هم بإعطائي الباقي قلت له داعماً ومحفزاً: (لقد استمتعت برحلتي معك، خلي الباقي علشانك).
وأمام هذه الرواية الواقعية ومثيلاتها، أقترح مراجعة سير كباتنة التوصيل، ليتم تحليل سبب كثرة إلغائهم المشاوير، ومن تتوفر ضده (الشبهة القوية) بأنه غالباً ما يلغي المشوار حين يكون العميل رجل ويقبله حين تكون إمرأة، يتم (إلغاء خدمته) حفاظاً على سمعة هذه المهنة الشريفة، كما أقترح أن يُسقى كل كابتن مدان بنفس الكأس التي سقاها للعملاء الرجال، وذلك «بلطعه» أشهراً منتظراً البت بتظلمه وطلب عودته، ليتلقى كل يومين رسالة محبطة؛ (نحن نبذل ما في وسعنا للعثورعلى مهنة كابتن متاحة.. وما يزال البحث مستمراً)!!