لا يزال صغار المستثمرين ينتظرون تفاعل السوق المحلية على أرضيتها الاقتصادية، وقوة النمو في الاقتصاد المحلي، بدلاً من تعامله مع المتغيرات العالمية، وتأثّره بها، فنجد تحسناً طفيفاً في الوضع الحالي، ثم تراجعًا بوتيرة أسرع من تراجع الأسواق العالمية، وكأن المتغيرات العالمية تأثيرها أقوى من المتغيرات المحلية، لاشك أن الوضع العالمي له تأثيره على الاقتصاد العالمي ونحن جزء منه، ولكن لا يعني ذلك بأي حالٍ من الأحوال إهمال أداء الشركات نفسها وأداء الاقتصاد المحلي وتحسّنه ونموّه، لابد أن يكون هناك نوع من التوازن، وأن تكون الحساسية متوازنة بين الاقتصاد المحلي والعالمي، وليس كما هو الوضع الحالي القائم، ويبدو أن التخوف والحساسية من النزول في سوقنا أكبر من الأسواق العالمية، وعلى الرغم من أن هناك مؤشرات إيجابية يعكسها الاقتصاد السعودي، إلا أن السوق لا تستجيب لها، ولعل العرض والطلب داخل سوق الأسهم السعودية عامل مؤثِّر في تراجع السوق أكثر من أي متغيِّرات كلية أو جزئية، مما يجعلنا نرى الضغط الحالي الذي تُعايشه السوق نتيجة لحجم السيولة الداخلة والخارجة، وتحكُّم كبار المتداولين فيها، وما يزيد الطين بلة، تصرفات صغار المستثمرين، الذين يتفاعلون بصورةٍ سلبية أكبر مع الضغوط الهابطة أكثر من الضغوط الصاعدة خلال العقد الحالي. حيث نجد أن الاتجاه التنازلي هو الغالب، نتيجة لتغيُّر نسب الملكية الرئيسة في كبار المستثمرين، ويُضاف لها حجم السيولة الخارجة من السوق، والتي كوَّنت ضغوطاً سلبية في العقد الحالي، ولكن المستثمر طويل الأجل يُدرك ويعي أن الذبذبات قصيرة الأجل ليست بذات الأهمية مقارنةً بالاتجاه الكلي، وعادةً ما تكون نظرته منصبَّة تجاه التوزيعات ونمو الربحية في السوق، لذلك نجد أن المستثمر طويل الأجل هو الرابح، مقارنةً بصغار المستثمرين والمتأثرين بالذبذبات قصيرة الأجل. لذلك لابد أن يُغيِّر صغار المستثمرين من إستراتيجيتهم الاستثمارية إذا رغبوا في الاستفادة وجني ثمار السوق السعودي، بحيث لا يكونون ضحية تغيُّرات السيولة وقرارات كبار المستثمرين، ويُدركون أن هناك أبعاداً أخرى يجب أن يُركِّزوا عليها، مثل الربحية والنمو، واتجاهات الاقتصاد المحلي عند اتخاذ القرار الاستثماري، فسوق الأسهم والدخول فيها يعتبر قرارًا ادخاريًا استثماريًا، ويجب أن يُعَامَل بهذه الصورة وليس غيرها، إن أرادوا الاستفادة.