قد نكون، نحن معشر السعوديين، الشعب الوحيد في العالم الذي يتفاعل مع الأمطار بإحساسيْن مختلفيْن تماماً وعلى طرفيْ نقيض أحدهما في الشرق والآخر في الغرب!.
الإحساس الأول هو الاشتياق للأمطار، بعد شهور من العَيْش تحت أشعّة الشمس الساخنة، ولا أقول أنّنا ضَجِرْنا من الشمس.. أستغفر الله، فهي من أعظم نعم الله علينا، لكنّ فطرتنا لا تختلف عن فطرة كلّ البشر في جميع دول العالم، وتجعلنا نشتاق كثيراً للأمطار، كما قال الشاعر نزار قبّاني:
هارباً من هذه الشَمْسِ التي تجلُدُني بكرابيج الضَجَرْ..
هارباً من مُدُنٍ نامتْ قُرُوناً تحت أقدامِ القَمَرْ..
تاركاً خلفي عُيُوناً من زُجَاجٍ وسماءً من حَجَرْ..
لا تقولي: عُدْ إلى الشَّمس.. فإِنِّي أَنتمي إلى حِزْبِ المَطَرْ.
أمّا الإحساس الثاني فهو الخوف من الأمطار، بعد أن عاصر صغارنا وكبارنا آثارها المؤلمة على مدننا خلال عقودٍ من الزمن، بينما يُفترض أن تكون آثارها خير وبركة كما أراد لها ربُّها الأعلى، وكلّ سنة جديدة تحلّ علينا من أعمارنا نقول لأنفسنا: (خلاص) لقد آن زمن الفرح بالأمطار، وحتماً حلّت جهاتنا المعنية مشكلة تصريف الأمطار بالتي هي أحسن، لكن كالعروس التي جاءت تفرح ما لقت مطرح، وينتصر الخوف من الأمطار على الاشتياق لها، ولا نفرح، فمتى نفرح؟ ومتى تهطل ولو لأيام متتابعة ثمّ بعد توقّفها ننزل لشوارعنا ونسأل أنفسنا: هل حقاً هطلت؟ إذ لا مستنقعات قد تجمّعت وركدت في الشوارع وتتوالد فيها أنثى بعوض حمّى الضنك وغيرها؟ ومتى نكفّ عن رؤية مشاهدة السيول داخل بعض أجزاء المدن المنخفضة وهي تسحب السيّارات ومن فيها مثلما تسحب القاطرة العربات الصغيرة؟ ومتى نستقبل على جوّالاتنا رسائل تبشيرية بالمطر من إدارة الدفاع المدني بدلاً من الرسائل التحذيرية ومكالمات الطوارئ؟.
نريد أن نفرح بالأمطار، وألّا تكون لنا مُحزِنة، وأن نستلذّ بها ولا نغرق فيها، وأن ننتمي لحزب المطر بسلامة وأمان، وهذه هي أمنيتنا، فمن يحقّقها؟ من؟.