صادف اليوم الأخير من السنة الماضية، يوم السبت الماضي، أن دعانا صديق لوليمة عشاء تكريماً لأحد الأصدقاء، الذي عاد من رحلة علاج طويلة خارج البلاد. عدد الأصدقاء المدعوين كان صغيراً جداً، أربعة أصدقاء فقط. وتجاوز كل منهم الستين من العمر، بمن فيهم كاتب هذه السطور. بدأ اللقاء في بيت هذا الصديق، بجدة، في السابعة والنصف مساءً، ووُضِع العشاء على الطاولة الثامنة مساءً. ولأن اللقاء كان في رأس السنة، فقد كان من الطبيعي أن نتحدَّث عن ما جرى خلال السنة الماضية، إلا أنني فوجئت بأن معظم الحديث كان عن المستقبل، وإلى أين تتجه أمور العالم اقتصادياً واجتماعياً. فالهجوم الروسي على أوكرانيا أدخل العالم في أزمات اقتصادية متعددة. إلا أنه لا يوجد مَن يعرف إلى أين تتوجَّه الأحداث والتقلبات. وبالطبع كان هناك حديث عن الماضي القريب والبعيد، حين كان بالإمكان رؤية بعض المؤشرات لما يُمكن أن يحدث.
على كل حال، انتهى اللقاء والعشاء التاسعة والنصف، مما مكنني من أن أعود إلى بيتي لأُشاهد على التلفزيون ذلك الحفل الغنائي الجميل على قناة (إم بي سي)، منقولاً من الرياض، وذلك الجمهور الشاب الذي يتفاعل مع الأغنية والضحكة والمرح، لأرى مستقبلاً يملكه الشباب، ويسوده المرح والسعادة، واستمريت في مشاهدة ذلك الحفل الساهر حتى الثانية صباحاً من العام الجديد.
ما يجري في بلادنا، هو النظر إلى المستقبل بوجهه المضيء، والإعداد لما سيكون عليه، ودور شبابنا فيه. وللأسف تبحث دولة مثل إيران، في منطقتنا، عن سُبل لكتم أصوات المستقبل، والدعوة للعودة إلى الماضي. وأدت المظاهرات التي خرجت في شوارع المدن الإيرانية مندِّدة بنظام الملالي إلى أن يتأثر وضع المنظمات العميلة لها في العالم العربي، وأبرزها حزب الله اللبناني، الذي واجه وضعاً صعباً ومحرجاً مؤخراً، حين أقدمت قناة تلفزيونية لبنانية (الجديد)، والتي يملكها لبناني «شيعي المذهب»، وليس من الموالين لحزب الله، على بث حلقة تلفزيونية من برنامج تهكُّمي هزلي بعنوان: «فشة خلق»، قامت فيه ممثلة شيعية بدور سيدة اسمها (بتول) بالتعليق على ما حدث في جنوب لبنان، من قتل جندي إيرلندي يعمل في قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل)، منتصف ديسمبر، قائلة في كوميديا سياسية «اجو لعنا عالجنوب، جوزناهم بناتنا، وأخذنا من بناتهم.. ثلاثة أرباع الجنوب عيونن خضر وزرق وشعرهم أشقر»، مما أدى إلى استنكار عنيف من حزب الله، شارك فيه ابن أمين عام الحزب، جواد نصرالله، وتتم الآن محاولة احتوائه.
المستقبل، بما فيه العام الجاري الجديد، سيشهد المزيد من النمو والحداثة في بلادنا، وسنواصل رؤية التحول الإستراتيجي الإيجابي في موقع المملكة ودورها الفاعل في العالم، وكذلك في الإقليم.
أما أحداث إيران، فإنها ستكون لها تداعيات على المنطقة بشكلٍ عام، وخاصة الخليج العربي. والسؤال أو التساؤل القائم: هل ستعود المحادثات حول النووي الإيراني في فيينا إلى التفعيل، أم أن الانشغال بالحرب في أوكرانيا والدور الإيراني فيها يتحتَّم معه تجميد هذه المحادثات في الوقت الحاضر؟. وفي نفس الوقت: هل سيُفكِّر ملالي إيران بالاندفاع نحو خيار كوريا الشمالية، والإعلان عن قنبلة نووية خاصة بهم، أم أن صعود حكومة إسرائيلية تميل إلى اليمين المتطرف سيُلجم تطلعهم إلى هذا الأمر، خشية قيام حرب بسبب الإعلان عن قنبلتهم؟. كما أن تحذير وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر أبوظبي الأمني الأخير، كان واضحاً حين قال: «إن دول المنطقة ستدرس بالتأكيد كيفية ضمان أمنها»، فيما إذا سعت إيران إلى حشر قوة نووية إيرانية ضمن المخاطر الأمنية في المنطقة.
سيشهد العام الجاري، وما يليه، تحولات عالمية مثيرة، ستؤثر على المنطقة، كما سيشهد العالم دوراً إيجابياً فاعلاً للسعودية بقيادتها الشابة الحكيمة، يُؤثِّر، خاصة في مجالات الطاقة والبيئة، بشكلٍ كبير على العالم. تتولى فيه قيادة حكيمة دوراً قيادياً في المنطقة، يؤدي إلى مزيد من الحداثة والنمو في بلدنا.. وكل عام وأنتم بخير.