في الوقت الذي هبطت فيه بالباراشوت ثروة ضخمة على اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو بسبب تعاقده مع نادي النصر السعودي.. إضافةً بالطبع لثروته التي نزلت عليه سابقاً جرّاء تعاقداته مع أغنى الأندية الإنجليزية والإسبانية والإيطالية، مثل مانشستر يونايتد وريال مدريد وجوفنتوس، فصار أول لاعب ملياردير في التاريخ.. في هذا الوقت تطالعنا الأنباء بأنّ لاعباً آخراً شهيراً ممّن لعب في كأس العالم عام ١٩٨٦م ضمن منتخب كندا، واسمه بول جيمس، يمرّ بظروف صعبة وقاهرة في مدينة لندن لعدم حصوله على عمل منذ ١٣ سنة، وعدم امتلاكه لمنزل منذ ٦ أعوام، وصار متشرّداً قبل أن يجد مأوى في نُزُل هو عبارة عن غرفة تسكنها الفئران، وينام غالب الوقت على قصاصات من الورق المُقوّى في شوارع وأنفاق لندن، ومهنته هي التسوّل بعد أن كانت الملايين تجري من تحت قدميه كالأنهار.
فما السرّ في هذا التباين بين أرزاق اللاعبين؟ ليس في الدول المسلمة فقط بل حتّى في الدول غير المسلمة؟ لا تقولوا: إش جاب جيمس لرونالدو من ناحية المستوى الكروي؟ هذا صحيح، فهناك فرق يصبّ لصالح رونالدو لكنّه ليس كبيراً للغاية بحيث تصبح نهاية أحدهما هي التشرّد، ونهاية الآخر هي الثراء الفاحش.
وقد حاولت عن طريق الإنترنت البحث في ماضي اللاعبيْن، ووجدْتُ ما اعتقد أنّه السبب الذي يرزق الله به عباده، حتّى لو كانوا كافرين، وهو الاعتناء بالوالديْن، والفرق في هذا الاعتناء بين اللاعبيْن كبير، إذ انقطع جيمس عن والديه وعائلته منذ فترة طويلة، حتّى أنّ أمّه ماتت فلم يعلم بذلك إلّا بعد شهور من موتها، ووقع في بئر إدمان المخدّرات الذي يصعب الصعود منه، بينما رونالدو يتواصل مع أمّه التي أصبحت ثرية بسببه، ويُعيّشها في أفخم القصور، ويهديها فيما يُسمّى عيد الأمّ سيّارات فاخرة ومجوهرات ثمينة، وهي تحبّه وتتواجد معه في مبارياته الكروية وحفلات تتويجه بالكؤوس، ولا أظنّه يُفضّل صديقته وأمّ أولاده عليها، وليته أحضر أمّه معه لبلادنا كي يرى شبابنا المهووسون به أنّ الاعتناء بالوالديْن مصدر أرزاق يسوقها الله في الدنيا الفانية والآخرة الباقية.