- يُمكنني القول: إنّ المصالح الشّخصية والمكاسبَ الذاتية والحظوات المادّية.. هي الصُّخور التي تتكسّر عليها أعتى أمواج المَبادئ والقيَم والمُثل العليا. وبالمُجمل، فالمصلحةُ الشّخصية، هي مَدار الإنسان.. ولعلّه لا يوجد أناس طيّبون بالضرورة، بل أُناسٍ لم تتعارض مصالحُهم مع مَصالح غيرهم، فحسْب!.
- أمّا الحقّ والحقيقةُ لدى الإنسان، فمجرّد وجهة نظرٍ ذاتيّة مستندة في مُعظم الأحيان على مصلحته الشخصية.. أما المصلحةُ العامّة لديه، فتأتي عَرضاً!. وفي هذا، يُبيّن المؤرّخان (غوستاف لوبون وابن خلدون)، أنّ من أسباب تفكّك الدُّول وضعف المجتمعات، انتشارُ «الأثَرة»، أي فرطُ الأنانية الفردية، وتقديمُ المصلحة الخاصّة على المَصالح العامّة.
- الناس، بشكلٍ عام، لا يهتمّون بك رعايةً وعنايةً أو لُطفاً، إنّما يُشجّعهم الفُضول ويدفعهم الملل ووقتُ الفراغ، وتُحرّكهم المصلحة.. لا أكثر!. ومن مُلاحظاتي، هناك موجةٌ هائلةٌ من أخلاق الأنانية والإفراطِ في النّفعيّة والانتهازيّة، تجرفُ كثيراً من الناس، دون اعتباراتٍ إنسانيةٍ أو أخلاقية.
- الإنسانُ «حيوانٌ نفعي».. والناس يتبنّوْن العَلاقات والسلوكيّات والقيَم ذات النفع الشخصي لهم، ثّم يتخلّون عنها بعد استهلاكها، يستوي في ذلك الصّالح منهم والطّالح!. يقول فيلسوفُ التنظير السياسي النّفعي (ميكيافيلّي): «يُمكن أن يُقال بوجهٍ عام: إنّ الإنسان مُنافقٌ سليطُ اللسان، مُنكِرٌ للجَميل، يُحبُّ الرّبح ويكره الخطر، وما دمتَ تنفعه فهو من أتباعِك».
- الأحكام القيَمية، تتبع نظرية الاهتمام الأخلاقي، أي المصلحة الشخصية.. فالحكمُ على الأشياء بالخيرِ والشرِّ والحَسن والقبيح، تابعٌ للمَنفعة والرّغبة، وهي شخصيةٌ تختلفُ من شخصٍ لشخص، ومن مكانٍ لآخر، ومن وقتٍ لغيره، ومعاييرُها ليست مُطلَقة، بل متغيّرٌة بتغيّر الظروف.
- وبصورة عامّة، لا ينشد الإنسانُ المعرفةَ إلّا من أجلِ مَنفعته الدُّنيوية، والاكتساب والغلبةِ والاستحواذ، أو حبّ الظهور.. لكنّ مُعظم العباقرة والحُكماء والمتأمّلين والمُفكّرين والفلاسفة، يرون المعرِفة الحقّة هدفاً بذاتها، وضرورةً من أجلها، ومرغوبةً لنفسِها.
- يقول رائدُ علم التحليل النفسي (فرويد): «لا فائدة من مُحاولة التخلّص من ميولِ الناس العدوانية. إنّ تلك الميول تشكّل الجوهر العميقَ للطبيعةِ الإنسانية، والتي تقومُ على الغرائزِ الأوّلية المُشتَركةِ بين جميع الناس، وتهدفُ إلى إشباع حاجات أوّلية مُعيّنة.. إنّه مبدأٌ عام إذن، أنّ صراعاتَ المَصالح بين الناس يتمُّ تسويتُها بالعُنف».