قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للأنصار لما قدم عليه وفد الأحساء بني عبدالقيس: «يا معشر الأنصار، أكرموا إخوانكم، فإنهم أشباهكم في الإسلام، أشبه شيءٍ بكم أشعاراً وأبشاراً، أسلموا طائعين غير مكرهين ولا موتورين»، أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال رواه أحمد ورجاله الثقات. صدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما قاله عن خُلق أبناء منطقة الأحساء، لقد وجدتُ ذلك واقعاً ملموساً؛ فبدعوةٍ كريمة من أخي الدكتور أحمد البوعلي رئيس خدمات الهيئة العامة للأوقاف، إمام وخطيب جامع آل ثاني لإلقاء محاضرة بعنوان: الأوقاف والهبات ودورها في التنمية المجتمعية، في النادي الأدبي بالأحساء ورئيسه الأديب الدكتور ظافر الشهري، في الثالث من يناير 23م.
للتاريخ لقد وجدت اُناس (غير)، كرماً وطيبة ولطفاً في التعامل، وعذب الحديث وشهامة، وفوق كل ذلك شموساً مضيئة في سماء العلم، قوم يُؤلفون ويألفون. ثلاثة أيام بلياليهن قضيتها في هذه المنطقة الجميلة (الأحساء)، الواقعة في الجزء الشرقي من المملكة، اليوم الأول العشاء في دار الدكتور أحمد البوعلي مع نخبة من أصحاب السمو والمعالي والفضيلة، وعلى رأسهم المربي الكبير الشيخ حمد البوعلي، ليلة من أجمل الليالي حديثاً وطعاماً، خاصة الرز الحساوي.
اليوم الثاني كان في ضيافة فضيلة الدكتور قيس المبارك عضو هيئة كبار العلماء وأستاذ الفقه بجامعة الملك فيصل سابقاً، أكرمنا وأتحفنا بعلمهِ الغزير، وأهدانا مجموعة من إصداراته القيِّمة. وفي مساء اليوم نفسه، صحبني الدكتور البوعلي لزيارة أقدم مدارس الأحساء، مدرسة القبة، بحضور فضيلة الشيخ عبدالاله الملا، وبعدها ذهبنا لزيارة دار الشيخ عبدالله بن عبدالمحسن الملحم عميد أسرة الملحم، حيث حضر لفيف من أبناء الأسر ووجهاء البلد.
أما محاضرة النادي الأدبي، فقد كانت من أجمل المحاضرات التي شرفتُ بإلقائها من حيث الحضور والتفاعل والمداخلات، كان الحضور نخبة من الأكاديميين ورجال المال والأعمال، الذي أثروا اللقاء الذي أداره بكل حرفية أخي الدكتور أحمد البوعلي، وضيف الشرف معالي أخي الدكتور سعيد آل عمر مدير جامعة الحدود الشمالية السابق. والليلة الأخيرة كانت في دار أبي عبدالعزيز معالي الدكتور محمد العوهلي، تناولنا طعام العشاء مع نخبة من وكلاء وعمداء وأساتذة الجامعة، كانت ليلة جميلة بكل المقاييس، أتحفني فيها معالي أخي الكريم الدكتور محمد العوهلي كعادته في كل مرة بلطفه وكرمه، وطيبه وروحه المرحة.
أما من حيث زيارة الأماكن الأثرية؛ خذ عندك: مغارة قارة، والسوق الشعبي، وعين أم سبعة، وجبل الشعبة الجميل الذي ترى من على قمته أشجار النخيل على مد البصر -تبارك الرحمن- وغيرها من الأماكن، كالمطاعم والأسواق التجارية، وفوق ذلك خلق وطيبة أهل هذه المنطقة العزيزة، في كل مكان حللتَ به تجد البشاشة ولطف الحديث، كل ذلك من مصاديق قول الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- عن أبناء منطقة الأحساء الجميلة.