في بداية عام ميلادي جديد لابد من التوقف قليلاً للنظر إلى عام مضى، ماذا قدمنا فيه لأنفسنا ولمجتمعنا ولوطننا الذي نعيش فيه ونحيا في ظل أمن وأمان وخير وإجازات تتوالى في ظل قيادة حكيمة نعيش معها كل يوم منجزًا حقيقيًا يسجل في سجلات البشرية.
بالأمس تداولت وسائل الإعلام العالمية خبر حصول سمو ولي العهد على لقب القائد العربي الأكثر تأثيرًا عام 2022م في استطلاع للرأي أجري على ما تجاوز عدد سبعة ملايين في أصوات قياسية حطمت الأرقام العالمية في تاريخ استطلاعات الرأي التي أجرتها هذه القناة.. هذا الحضور القوي لسمو ولي العهد يعطي مؤشرًا حقيقيًا لما قدمه سموه لوطنه ولشعبه وللمنطقة وللعالم من مبادرات ومشاريع وبرامج مستقبلية برؤية طموحة بهرت العالم والمجتمع الدولي.
القائد الملهم له رؤية واضحة قادر على اتخاذ القرارات الحكيمة ومواجهة حقيقية للتحديات واستثمار فعال للفرص المتاحة وفق منظومة عمل احترافية يخطط ويتابع ويقوم العمليات بصفة دورية مستمرة ويراقب ويحاسب في ظل حوكمة ومعايير نزاهة عالية ومؤسسية يختار فريقه بعناية فائقة لا تعرف إلا العطاء المستمر بدون كلل ولا ملل، لديها روح انتماء عالية وولاء للمؤسسة التي تعمل فيها بجدية وبمهنية عالية ومتطورة باستمرار لا تعرف الجمود ولا القيود، تعي جيدًا اللوائح والأنظمة وتقدم خبرات متنوعة تعلي من شأن مصلحة الوطن أولاً ومن روح العمل الجماعي.
القلوب العامرة بالحب والعطاء في عالم القيادة تجعل فريق العمل يقدم كل ما لديه من علم وخبرة وينجز وهو مرتاح القلب، ملتزمًا في وقته ويهتم بأدق التفاصيل يبحث عن تقديم العمل ليكون لديه أفضل وأقوى المخرجات، يكسب ثقة الرؤساء ويكون محط الأنظار ويصبح النجاح حليفًا له.
صناعة الاسم في عالم القيادة لا يأتي بين عشية وضحاها، كل القادة العظماء الذين سطرت أسماؤهم في التاريخ بذلوا كثيرًا من الوقت والجهد لتكون أسماءؤهم حية وحاضرة حتى بعد غيابهم عن الدنيا لأن آثارهم باقية لا تموت مهما مرت السنين.
القادة الطموحون يلهمون ويتحمسون لأفكارهم ويؤمنون بأن لكل مجتهد نصيباً من النجاح، ولن يكون التميز بالتمني إطلاقًا بل بالعمل الدؤوب ليلاً ونهارًا، وعبر كتابة الخطط وبدقة وتوزيع الأعمال وفق خطط زمنية محكمة يتم مراجعتها دوريًا كل ربع سنوي لتقويمها ومعالجة نواحي القصور التي قد تعترض الطريق ولم تتحقق الأهداف التي رسمت لأي سبب طارئ، من خبرتي في عالم التخطيط والمؤشرات والتميز المؤسسي، كثير من المنظمات تكتب خططها الإستراتيجية والتشغيلية لتكون بين الأسطر وفي سجلات المؤسسة دون الرجوع إليها ومراجعتها ومتابعتها وتدقيقها ونحن مكمن الخلل، لا يمكن أن نحقق التميز المؤسسي إن كانت خططنا صورية وورقية فقط بل لابد أن نؤمن بأهمية التخطيط الحقيقي ومشاركة فريق العمل والمجتمع المحلي في وضع الخطط وتقييمها والاستفادة من كل الآراء التي تحرص على تطوير العمل ليكون المخرج مبهرًا ومحققًا للآمال والطموحات.
من أسرار القادة العظماء القرب من أعضاء فريق العمل والابتسامة لهم من أجل تنشيط أدمغتهم العاطفية وتلك هي حصيلة الدراسات العلمية من منظور علم الأعصاب لأن هذه الابتسامة ستعزز من الثقة فيما بين أعضاء المنظمة وقيادتهم وتزيد من مستويات مادة الأوكسيتوسين، يقول الدكتور بول زاك: (إن الاجهاد يمنع إفراز مادة الأوكسيتوسين) وتزداد احتمالية إفراز هذه المادة عند القادة الأكثر سخاء والمنفتحين وكذلك يسهل التقرب منهم وسيكون هذا الشخص أكثر حماسًا لأداء مهام عمله بجدية وحب وعطاء متجدد.
إن الحب المطلق هو أمر عاطفي ومن الأفضل التعبير عنه من خلال الوسائل البصرية أو السمعية أو اللمسية بدلاً من استخدام الكلمات المكتوبة أو الرسوم البيانية أو الأرقام للتعبير عنه.. لابد من الممارسة الحقيقية للحب في بيئات العمل لتوطيد العلاقات الإيجابية بين الأفراد ولتعزيز معايير السعادة المؤسسية لزيادة الطاقة الإنتاجية للموظف والولاء للمنظمة.. الروح المفعمة بالحب والقلب العامر بالعطاء والنفس الزكية غاية ومطلب لكل الأشخاص الأسوياء في كل أرجاء المعمورة، والقلب هو المضغة التي إن صلحت صلح الجسد كله كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لنعمل معًا على إصلاح قلوبنا ولنتخذ من قيادتنا الملهمة روح التحدي والعطاء والتميز في الأداء.