منذ شهور، وتقريباً كلّ يوم، في النهار كما في الليل، تَرِدُني مكالمة على هاتفي الجوّال من هواتف دولية مختلفة لا أعرفها، وليس بينها عامل مُشترك سوى مفتاح الاتصال الدولي (00683)، وبعد رنّة واحدة أو رنّتيْن على الأكثر يُغلِق المتّصل السمّاعة، حتماً على أملٍ أن أتّصل أنا به، فيضرب عصفوريْن بحجر واحد هما: تحمّلي لتكلفة المكالمة، وسعيه هو لتحقيق غرضه الذي أظنّه يتمحور حول عمليات النصب المالي التي تهطل مثل وابل المطر على السعوديين دون غيرهم من العالمين، ظنّا منهم أنّ كلّ سعودي يملك تحت بيته حقلاً من البترول!.
أصدقائي المُتّصلون يريدون أن ينصبوا عليَّ دون صرف هللة واحدة، وهذا في عُرْف التجارة يعني (صِفْر أو zero رأس مال)، وكم من مرّة حاولْتُ الردّ بسرعة قبل أن يُغلِقُوا السمّاعة كي يتحمّلوا ولو قليلاً من تكلفة الاتصال، وليعلموا أنّ لحمي مُرّ، لكن هيهات، فما إن تنتهي الرنّة الأولى أو الثانية حتّى يُغْلِقُوا السمّاعة بسرعة الصوت، أو حتّى الضوء، وكلّما حظرْتُ رقماً، يتّصلون من رقم آخر بنفس المفتاح الدولي، وهكذا نلعب معاً لعبة (الغُمّيضة)، فأختبئ أنا منهم مرّة وهم يختبئون منّي مرّة، ولا أجدهم ولا يجدونني، يعني لا غالب ولا مغلوب، لكنّي أقْلَعْتُ مؤخّراً عن محاولات الردّ مخافة أن تكون لديهم تقنية قرصنة وتهكير يخترقون بها هاتفي الجوّال حال الردّ عليهم، واكتفيْتُ بحظر الأرقام حتّى صار لديّ مستودع كبير من الأرقام المحظورة.
وبعد التحري.. (حلوة هذه التحري؟؟).. اكتشفت أن مفتاح الاتصال الدولي (00683) ورغم أنه يعود لدولة صغيرة تقع في المحيط الهادئ اسمها (نييوي)، وعدد سكانها لا يتجاوز عدد سكان الشارع الذي أُقيم فيه بجدة، إلا أنه يمكن بتقنية إنترنت خاصة؛ استخدام الرقم من خارجها، أي من دول أخرى لا تقع في محيطها الجغرافي، وليست على نفس خطوط الطول والعرض، ومن ضمنها دول عربية، وربما هناك اتفاقيات بين عصابات النصب النييوية وبين نظيراتها الخارجية عنها لنصب وغسيل الأموال، وهدف العصابات هو السعوديون، فيا أماننا من كل نصاب، واحفظ اللهم عرق جبيننا من شرّ طوارق الليل والنهار.