كأي اقتصاد، نجد أننا نمر بدوراتٍ مختلفة من صعودٍ وهبوط، حسب دورة الاقتصاد. وقد شهدت جدة -قبل جائحة «كوفيد 19»- عرضاً كبيراً وضغوطاً مختلفة لأسبابٍ مختلفة، أدت إلى زيادة المعروض، وانخفض معها السعر.
وشهد القطاع التجاري خاصة ضغطاً وتراجعاً كبيراً في هذه الفترة. وجاءت أزمة الوباء ومعها تغيُّرات جوهرية دعمت قطاعات اقتصادية بعينها، وخاصة الخدمية، وتوسَّعت ورفعت الطلب بعد انتهاء الوباء على مختلف الخدمات. وحالياً ومع نزع الملكيات الذي تم في جدة لإعادة تخطيطها، ومعالجة مشاكل العشوائيات فيها، حدث ضغط إضافي على تأجير الوحدات السكنية والتجارية والإدارية، وعلى التملك فيها، نتيجة لانخفاض المعروض وزيادة الطلب من طرف راغبي التملك عن طريق الاقتراض من البنوك، واتساع رقعة التطوير والبناء فيها. الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكلٍ كبير؛ في انتظار زيادة المعروض عند إنهاء مشاريع الدولة في الأحياء المستهدفة بالتطوير. ولاشك أننا ننتظر مرحلة قادمة لا نعلم متى ستكون بدايتها، اعتماداً على القرارات التي ستصدر بشأنها.
وما ساعد على تحفيز الطلب على مناطق دون غيرها في جدة، ورفع الأسعار إلى مستويات ضخمة، هي مواسم الأمطار، التي ميَّزت أحياء، وجعلتها أكثر طلباً من غيرها. ولكن كمستوى عام شهدنا نمواً وقفزات سعرية لمختلف مناطق جدة، الأمر الذي كوَّن فقاعة؛ بدأت في النمو بسبب تراجع العرض وزيادة الطلب. ولاشك أن هذه الفقاعة ستبدأ في النمو والزيادة مع استمرار تراجع العرض وزيادة الطلب، خاصةً في التملك ورغبة الدولة في زيادة نسبة تملك الوحدات السكنية من قِبَل المواطن، علاوةً على تركُّز الكثافة السكانية في أحياء محددة، مما يزيد الطلب على الوحدات التجارية ويرفع منها، وذلك لانتقال البعض من مواقعه نتيجة الإزالة. الأمر الذي رفع من الإيجارات بشكلٍ عام، ومن قيمة العقارات كسببٍ لزيادة دخلها.
ولعل السؤال الذي يُبادرنا الآن هو: متى ستحدث زيادة العرض، ومتى ستبدأ مشاريع الإنشاء في المناطق المستهدفة بالتطوير، حيث إنه مع انتهاء تلك الإنشاءات سيكون حجم العرض أكبر من الطلب، مما يؤدي إلى تراجع الأسعار، ومعها ستنفجر الفقاعة وتعود الأسعار إلى مستوياتها المقبولة مرة أخرى.