* جرّبت أن أعيش مع (أحد المتقاعدين) تفاصيل يومه؛ حيث بعد مهاتفته، واعدني بموافاته عند منزله عند الساعة العاشرة صباحاً وكانت البداية مرافقته إلى مركز تدريب حكومي، أكد بأنه مع منصته الإلكترونية يُفيد من خبرات وتجارب (المتقاعدين) وينقلها للشباب بعامة في سواء في الجانب الحياتي أو الوظيفي، وفي مختلف المجالات، وبعد دخولنا لذلك المركز أو الأكاديمية انطلق صاحبي في برنامجه التدريبي، الذي اشتمل على إضاءات ونصائح تربوية واجتماعية، وسط اهتمام وتفاعل من المتابعين له حضورياً أو إلكترونياً عـن بُعد.
*****
* انتهى (صديقي) من برنامجه التدريبي، بعدها ألحّ وهو يدعوني للغداء، لنتجه لأحد المطاعم الكبرى ذات الأسعار المرتفعة؛ وحين رأى تعجبي من اختياره، بادرني: (نحن المتقاعدين) لنا خصومات كبيرة في هذا المطعم وغيره تصل لنحو (50% وأكثر)، وكذلك في وسائل النقل (الطيران والقطارات والباصات وتطبيقات المركبات)، وفي المستشفيات والمراكز الطبية والرياضية والمولات والفنادق باختصار في القطاعات كافّة، وهم ملتزمون بها فرضاً لسببين: أن ذلك يأتي ضمن أدوارهم الواجبة في المسؤولية الاجتماعية، ولأنهم يحظون ببعض التسهيلات إزاء ذلك، وقبل ذلك إعفاؤنا من بعض رسوم الخدمات أو تخفيضها جداً!
*****
* أما المحطة التالية من رحلتنا فقد أصرّ (صديقي المتقاعد) على أن تبقى مفاجأة، حيث ما إن اقتربنا من أحد المقرات الكبيرة والفاخرة، ليقول: باعتزاز وفخر أهلاً بكم في نادينا الوديع الرائع، اقتربنا من البوابة، فإذا تعلوهـا لوحة تشير إلى أنه (نادي المتقاعدين بالمدينة المنورة)، والذي منه الكثير في المناطق والمحافظات!!
*****
* دخلنا إلى ذلك النادي حيث قمنا بجولة سريعة على مكوناته التي كان منها: ديوانية واسعة وأنيقة مفتوحة لجلسات يومية، ولحوارات وفعاليات أسبوعية، وهناك مكتبة ثرية بالكتب وحاسبات التصفح، وصالة وملاعب رياضية، هذا في قسمين «رجالي ونسائي»، يضاف لذلك (كافيه أنيق) كان حاضناً لنا في حديث استمر إلى صلاة العصر، وفيها أكد لي (ذلك المتقاعد) بأن معاشاتهم التقاعدية لا تقل عن (6000 ريال، مع علاوة سنوية تواكب متغيرات وغلاء المعيشة، مع امتيازات أخرى)!
*****
* انتهت تلك الرحلة الماتعة الحالمة التي أرجو أن تتحقق قريباً على أرض الواقع لتنتهي مقولة: (أيها المتقاعد مُت قاعد)، ومعها تزول معاناة شريحة واسعة من (المتقاعدين) من تجاهلهم وقلة رواتبهم التقاعدية التي بعضها لا يتجاوز الـ(2500 ريال)، وحاجتهم للبدلات والخصومات التي تعينهم على الحياة، والرعاية الاجتماعية والنفسية والطبية وهم في هرمهم، بعد أن أفنوا أعمارهم في خدمة وطنهم ومجتمعهم.