لا أمَلُّ من الكتابة عن مركز الشفا في مدينة الطائف، حيث يجتمع جمال الطبيعة الخلّابة وجمال الجوّ الأشبه بالأجواء الأوروبية، في الصيف كما في الشتاء.
وبأمانة، وتجرّد من المجاملة، لقد تطوّرت ثُلّة من مقاهي ومطاعم ومنتجعات الشفا، وتخلّصت تقريباً من تصنيف (المستوى الشعبي) الذي قبعت فيه في الماضي، ولأول مرّة شعرت خلال زيارة الشفا مؤخراً؛ أنه صار مُلتقىً سياحيًا مرموقًا لسُكّان المملكة، فضلاً عن السُيّاح القادمين من الخارج ممّن أتمنّى مضاعفة أعدادهم أضعافاً مُضاعفة.
وفي اعتقادي، فإنّ سرّ هذا التطوّر هو المنافسة (Competion) ولا شيء غير المنافسة، إذ جعلت المستثمرين يُحسّنون منشآتهم وخدماتهم السياحية؛ بعد أن رأوا جيرانهم المستثمرين الآخرين يفعلون ذلك، وأهمّ الرابحين من هذا التطوّر هو السائح بلا ريب.
غير أنّ هناك بعض السلبيات ممّا قد تُضفي على الشفا مزيداً من الجمال فيما لو عالجتها الجهات المعنية، مثل تكاثر القطط المتسكّعة والمتطفّلة دوماً على السُيّاح، والقطط من ألطف المخلوقات، لكن ليس من المطلوب أن تكون هناك قطّة في الشفا لكلّ سائح، وهناك القرود التي لا أعلم متى يُكبح جماحُها وجرأتها على المراكز السياحية الجبلية، وبالمناسبة فإنّ تكاثرها يعني تناقص النمور العربية في الجبال بصفتها المخلوقات التي تتغذّى على القرود، وهناك الكلاب الضالّة في الشفا، وما أدراكم ما الكلاب؟، إنّها تتشاكس كثيراً فيما بينها، وتظلّ لأوقات كثيرة من الليل تعزف سيمفونيات من النباح المتواصل والمُزعِج، وقد شَهِدْتُ هذا بنفسي، ودرجة حدّة الصوت المعروفة علمياً باسم (بيكسل) هي عالية جداً عند الكلاب، وتُقارب صوت الحمير الذي هو أنكر الأصوات.
ونحتاج في الشفا لمشروعات نوعية جديدة، مثل التلفريك الذي قد يربط بين قمم الجبال، وأهمّها جبل (دكا) الذي هو أعلى جبال الحجاز، وجبل ساق، وعقبة الشفا، وقرنيت، وغيرها ممّا تُشرِف على ديرة بعض القبائل السعودية الشهيرة، مثل عوف وثُمالة وكنانة وهذيل، إضافةً لرياضة تسلّق الجبال، وإنشاء مسارات حضارية للمشي والدرّاجات، وملاعب مزروعة لكرة القدم والتنس الأرضي، وتغيير أرضيات ملاهي الأطفال من التراب إلى أرضيات مناسبة، فالتراب الهائج يُسبّب الحساسية الصدرية للصغار كما للكبار، وغيرها من المشروعات السياحية.
وفي الشفا.. أما علمتم أنّ الكلّ يبتسمُ؟، حتّى الورد والعنب والرُمّان والريحان والضباب وقطرات المطر.