Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

استنزاف صحة الموظف

A A
- بدايةً أتساءل: كيف للموظّف، بأيِّ حالٍ من الأحوال، الوصول إلى توازن حياة وظيفية اجتماعية مستقرّة، إذا كان يضطر لقضاءِ أكثر من (8) ساعاتٍ يومياً، (5 أو 6) أيامٍ أسبوعياً، بدون حسابِ الوقت الطويل المُرهق الذي يقضيه في سيّارته؛ مُتنقّلا عبر طُرق خطيرةٍ مُزدحمةٍ تحرقُ الأعصاب، ذهاباً وإياباً؟!.

- يُمكن النّظر إلى استيقاظِ الموظّف في وقتٍ مبكر جداً من الصّباح، بغرضِ الاستعداد المُتعجّل للذّهابِ للعمل، إضافةً إلى الالتزام اليومي بساعاتِ دوام طويلة دون مُبرّر، كما هو الحاصِل، على أنّه تعنيفٌ وظيفي يستنزفه معنوياً وصحّيّاً، مهما حاولنا تجميلَ الواقع.

- خدعوكَ فقالوا: إنّ الالتزامَ بالدّوام لساعاتٍ مُمتدة مُرهقةٍ يومياً، ضرورةٌ لتحسينِ الإنتاج وإشارةٌ إلى الكفاءة، ودليلٌ على المُثابرةِ والتّفاني في العمل!. والحقيقة، أنّ امتدادَ ساعاتِ العمل اليوميّة لا يُفيدُ في الإنتاجِ بالضّرورة، وليس دليلاً على الجدّ والالتزام، بل مُرتبطٌ بزيادةِ خطر الإصابةِ بالاحتراقِ الوظيفي.

- بصورةٍ عامّة، يعاني موظفو الوردياتِ المُتعاقبة، من اختلالِ نمط السّاعةِ الحيوية، وينامونَ بمعدّل (4) ساعاتٍ أقلّ، ويتعرّضون لخطرِ حوادثِ السّيارات أكثر، مُقارنة بالموظّفين في عملٍ صباحيّ مُنتظم، كما يميلُ موظفو عمل الوردياتِ المسائيةِ والليليةِ، إلى التفكير في الانتحارِ أكثر من موظفي الدّوام الصّباحي الثابت.

- من المُهمّ تقليص ساعاتِ العمل إلى أقلّ حدّ ممكن، (6 ساعاتٍ يومياً كحدّ أعلى)، والاهتمامُ بجودةِ الإنتاج، وتطبيقُ نظام ساعاتِ العمل المَرِن، فالعصرُ يتغيّر، والعملُ بساعاتِ حضورٍ وانصرافٍ تقليديةٍ يستدعي مواكبةَ التطوّرات التّقنية والاجتماعية، لكنّ الأهمّ، عدمُ تقليل الرّواتب الشّهرية أو البدَلات والحوافز.

- يقول فيلسوفُ السّعادةِ والمنطق (برتراند راسل): «إنّ العالمَ الحديث يُصيبهُ الكثير من الأذى نتيجةَ الاعتقادِ بفضيلةِ العمل، بينما أرى السّبيل إلى السّعادة والرّفاهية ينحصرُ في الإقلالِ المُنظّم للعمل، ولو أنّ الكادحَ في سبيلِ الرِّزق عمل مدّة (4) ساعاتٍ يومياً، لكان هُناك ما يكفي كلّ إنسان، ولمَا كانت هناك بَطالة».

- عموماً، أخي الموظّف: لا تغضب ولا تَحزن، فالجميعُ سوف يُحبّونك ويذكرون محاسنَك بعد موتِك.. ولا تقلق إطلاقاً على عمِلك، فسوف يتمّ إنجازه دونَ تعطيل، لأنهم سيكلّفون موظّفاً آخرَ يقومُ به خلال أيّامٍ من وفاتِك، بغضّ النظرِ عن كفاءَتِك وخبرتِك.. فاطمئن رحمَك الله!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store