منذ بدأت الحرب الروسية الأوكرانية ولا شاغل لقارّة أوروبّا سوى الأمن بكافّة أشكاله: الأمن من الأسلحة النووية التي لا تُبْقِي ولا تذر، وأمن الغاز والطاقة لتشغيل المزارع والمصانع والمساكن وباقي مرافق الحياة، والأمن الغذائي بالطبع.
وهذا الأخير قد تطرّق إليه العديد من رؤساء الدول الأوروبية، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يظنّ من يسمعه وهو يتحدث عن هذا الأمن أنّ هناك مجاعة عالمية قادمة لا محالة من كثرة تركيزه عليه، خصوصاً بعد التغيّرات المناخية التي تحصل في العالم وتصبّ لمصلحة دول العالم الجنوبي أكثر من مصلحة دول العالم الشمالي الذي تنتمي له أوروبا.
وأوروبا قارّة عجوز، وشمطاء، وأنانية، وظالمة، واستعمارية، إلّا ما رحم ربّي، وعاشت قروناً كثيرة وهي تستولي على ثروات الكثير من الدول العربية والإسلامية التي كانت تفتقر للقوة العسكرية وبالتالي القدرة الكافية للدفاع عن نفسها، وللتقدّم الصناعي الذي يجعلها مُستقلّة وذات سيادة كاملة.
ولمّا أصبحت هذه الدول في وضع استقلالي وسيادي أفضل شعرت أوروبا بالخوف من انحياز الطبيعة ضدّها بأمر ربِّها، وبدأت تبحث عن مصادر غذائية غير تقليدية للمستقبل المظلم الذي قد يحلّ عليها، وسريان ناموس الكون من هلاك القُرى بعد عمار، إذ ما من قرية إلّا والله مهلكها قبل يوم القيامة.
وها هو الاتحاد الأوروبي يسمح رسمياً بأكل الصراصير، لأنها مليئة حسب زعمه بالبروتينات، وآمنة بعد معالجتها للاستهلاك الآدمي، ويعتمد حالياً عدّة طلبات لترخيص تناولها، فهنيئاً لأوروبا أكْل الصراصير، أمّا نحن في الدول العربية والإسلامية فحبّذا لو سعينا للاكتفاء الغذائي الذاتي من طيبات وخيرات أراضينا، واستغلّينا التغيّر المناخي، وتوحّدنا في الاقتصاد كما توحّدْنا في الدين، وعملنا على تطوير الزراعة، وترشيد المياه، وسعيْنا للاستقلالية في صناعة الغذاء والدواء، فلا أحد يعلم مصير العالم، وعواقب تنازع القُوى العالمية وميلها للحروب المُدمِّرة، والانحلال الأخلاقي، والفساد، وعمل قوم لوط، والإلحاد، ممّا لو تفشّت في قومٍ قد يعاقبهم الله بأكل أقذر المخلوقات، ومنها أمّة الصراصير.