من يقرأ كتاب «حقوق المرأة وواجباتها في الكتاب والسنة» لمؤلفته الدكتورة فاطمة عمر نصيف -رحمها الله- يدرك أن من كتبه على مستوى عال من الفهم الشرعي والناحية الاجتماعية، ويحق لمثل هذا الكتاب أن يترجم إلى الإنجليزية والفرنسية والعديد من اللغات الأخرى لأنه يمثل إظهار أحكام شرعية تخص المرأة، وأفاد العديد من النساء في المجتمعات الإسلامية في العالم لأنه يحتوي على شرح مبسط ومنضبط بمعرفة شرعية ونظرة عصرية ما للمرأة من حقوق وما عليها من واجبات، حيث إنها -رحمها الله- ذات اطلاع واسع معرفيًا وثقافيًا إضافة إلى الناحية الشرعية فهي أكاديمية حاصلة على الدكتوراه في الشريعة الإسلامية من جامعة أم القرى وفي نفس الوقت كان احتكاكها ونشاطها الاجتماعي واسعًا ومحبتها تجري في قلوب نساء المجتمع فذلك ساعدها كثيرًا على أن تتلمس قضايا المرأة العصرية وتقف على أبعاد احتياجاتها الإنسانية، بل إن كتابها يقف في توضيحه وتبيانه في وجه مدعي حقوق الإنسان فيما يخص حقوق المرأة حيث رسمت في كتابها صفحات من نور مما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم حفاظًا على المرأة أمًا وأختًا وزوجة وبنتًا.
إننا اليوم في مواجهة أفكار انهيار للمجتمعات في الغرب وانحلال لبعض أخلاقياته وبعده عن الفطرة مرة باسم الحرية كالادعاء العابث بتزويج الرجال للرجال والنساء للنساء وكضياع الأسرة من خلال إهمال معاني الأمومة وتفكك الأسرة بسن أنظمة تمنح الأبناء والبنات حق التمرد على الوالدين، فهناك هجومًا واسعًا يستهدف النساء خاصة الشابات منهن بادعاء منح الحقوق لهن والتغرير بهن فكتاب مثل كتاب الدكتورة فاطمة نصيف يعد مرجعًا لتوضيح مثل هذه الأمور الشرعية وفقًا لما جاء في الكتاب والسنة.
ما تميزت به الدكتور فاطمة مكانتها الاجتماعية وروحها الطيبة وأسلوبها اللطيف المؤثر حيث انجذب إليها سيدات المجتمع كبارًا وصغارًا لأنها كانت تمثل الوسطية والاعتدال وفهم الدين وفقًا لما يحتاجه المجتمع فكانت نموذجًا للترابط الاجتماعي بين سيدات وبيوتات أهل جدة ومن لطفها وتلطفها تواصلها الدائم وسؤالها عن الآخرين ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، لذلك كان وقع وفاتها كبيرًا على النفوس وأمرًا فاجعًا على من يعرفها.
لقد حظيت بعد وفاتها بدعوات وذكر حسن وجعل الله لها لسان ذكر في الآخرين، حيث كان لها نشاط واسع ومتعدد في العمل التطوعي والخيري والاجتماعي، وقد شاركتنا في هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة حيث كانت المسؤولة عن اللجنة النسائية للهيئة وكانت حريصة كل الحرص على حضور لقاءاتها ومؤتمراتها، ولست هنا بصدد سرد سيرتها الذاتية إنما لذكر تميزها الاجتماعي والشرعي وأسلوبها اللطيف في جذب القلوب، فرحمها الله رحمة واسعة وجعلها في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وعظم الله أجر أهلها وذويها ومحبيها.. «إنا لله وإنا إليه راجعون».