حقيقةً لا أدري لماذا تذكرت القصيدة الشهيرة للشاعر الفلسطيني محمود درويش، وتحديداً ذلك المشهد الذي يسأل فيه الولد أباه، وهما يختبئان خلف أشجار الزيتون، ويتخطيان الأسلاك الشائكة، هرباً من ويلات الحرب الطاحنة، أبي؛ لماذا تركت الحصان وحيداً؟!
- لكي يؤنس البيت، يا ولدي، فالبيوت تموت إذا غاب سكانها!!
هذا السؤال البريء الذي يحمل بين طياته معاني معبرة وعميقة، وهذه الإجابة المغلفة، غير المقنعة، التي يحاول من خلالها الأب التهرب من تقصيره وخذلانه الواضح لذلك الحصان الأصيل، الذي طالما حمله على ظهره، طالما أعانه على قضاء احتياجاته، وطالما منحه الفخر والاعتزاز في كافة سباقاته..!
ربما تذكرت قصيدة (لماذا تركت الحصان وحيداً؟) حين رأيت اتحاد كرة القدم يترك (الهلال) وحيداً بمونديال الأندية، ليواجه ويلات الظروف القاهرة والمباريات الصعبة مع أعرق الفُرق العالمية، متناسياً بأن هذا النادي الأصيل أكثر نادٍ دعم المنتخب الوطني بلاعبيه بمونديال قطر، حتى الحق بطل العالم الخسارة الوحيدة!
الأكيد أن الهلال الذي يعد (فرس الرهان) للرياضة السعودية، لم يستسلم لحزمة الظروف الصعبة التي ألمت به؛ بداية بمنعه ليلة العيد لفترتين من تسجيل اللاعبين المحترفين، ومروراً بالإصابات الخطيرة التي داهمت نجومه أثناء تمثيلهم المنتخب، وانتهاء بتدني المستوى الناتج عن ضغط البطولات والمباريات، بل أنه لم يكتف بالذهاب للمشاركة وتقديم مستويات مشرفة، وإنما ذهب متكئًا على أنفته وكبريائه للمنافسة!!
نعم لقد هزم الهلال الفريق المستضيف بالمباراة الافتتاحية، والتي لم تخل هي الأخرى من حزمة الحوادث المفاجئة، بداية باكتظاظ الجماهير المغربية الغفيرة، ومروراً باستقباله هدفًا بالدقائق الأولى للشوط الثاني، ثم تعرض نجمه اندريه كاريو لاصابة قوية، وانتهاءً بطرد كنو وحرمان فريقه فرصة الاستفادة من نقص (الوداد)، لكن شموخ (الزعيم) أبى إلا أن ينتصر ويتأهل لنصف النهائي لملاقاة كتيبة فلامينجو البرازيلي.
إن أكثر ما يرهق الهلال ممثل الوطن بمونديال الأندية ويطعن بخاصرته، هم أولئك الغيورون من بطولاته الحقيقية، والذين لا يكتفون بتجيير حساباتهم ومتابعيهم لبث الروح العدائية، بل ويشحذون هممهم لتأليب الأندية الخارجية للاحتجاج على زعيم القارة الآسيوية والإفريقية!!
وأخيراً؛ لقد ترك اتحاد كرة القدم (الهلال) وراءه وحيداً بمونديال الأندية، وقد كان بإمكانه الاستفادة من التدابير الوقتية لرفع الإيقاف عنه والسماح له بالفترة الشتوية بتسجيل المحترفين والعمل لدعمه -كونه أولى من غيره- للتعاقد مع نجم عالمي كـ(ميسي)، لذلك يظل سؤال وعتب الجماهير الهلالية قائماً ومشروعاً تجاه اتحاد كرة القدم، لماذا تركت "الهلال" وحيداً؟!
لكي يؤنس "البطولة"، يا ولدي، فـ"البطولات" تموت إذا غاب هلالها.