* ما جرت به العادة عن آخر العنقود، أنه ينال من الدلال ما لم ينله من سبقه، وأن طلباته على الدوام تحط في مدرج (الأوامر)، فلا يرفض له طلب، ومن يقف في صفه، حتى مع عناده و(ركوب رأسه) أكثر ممن يؤنبه أو يزجره، بل ويستنفر المنزل عندما يحصل له ما يعكر مزاجه.
* إلا أن تلك الصورة، وإن شكلت ما يشبه القاعدة، واقتربت من أن تكون ظاهرة، فإنها لا تبلغ الكمال في شأن أنها صورة قابلة على أن تسحب على جميع (أصغر) الإخوة، وفي ذلك تأكيد على أن لكل قاعدة ما يشذ عنها، والشواهد أبلغ من يبرهن على ذلك.
* ففي شأن الأخ الأصغر، فإن مما عايشته عن قرب، وما نما إلى علمي من نماذج (مشرقة) لتضحيات ومواقف صنعها أولئك الإخوة الصغار سناً الكبار حضوراً ومواقفاً، لهي أبلغ (نقض) لتلك القاعدة، التي تلوكها الألسن دون أن تبدي ما ينصف تلك المواقف، التي لا يثمنها بحق إلا من عايشها، ولا يمكن أن يتجاهلها من رأى كم هو جميل، ومبهج جني ثمارها.
* فكم من أخ أصغر تحمل المسؤولية كما هو داعيها؛ فكان مثالاً وأنموذجاً للبر، والصلة، وعطاء الكبار، وكم من أخ أصغر قدمه إخوته إنصافاً لما يتمتع به من أهلية (المقدمة)، فكان أن ذهب بحضوره إلى حيث الإشادة، وبما يبرهن أنه سبق زمانه، وأن العمر ليس سوى أرقام قد يمضي فيها الإنسان إلى حيث أن يسبق سني عمره، بما وهبه الله من مواهب الحكمة، ورجاحة الرأي، وصوابه.
* بل إن من الإخوة الصغار من طاول الجميع برؤيته، رغم وقوفه في آخر الطابور، فجاء من هناك محملاً بهدف أن يكون، حتى مع كونه واجه جبالاً من الرفض المصحوب بوابل من التصغير، والتحقير، إلا أن إيمانه بسمو مقصده، ومبتغاه، كان أقوى من أن ينال منه طوفان (الإحباط)، وصولاً إلى أن كان وقوفه هناك حيث أن أصبح محط الأنظار، والأضواء، والإشادة، والتكريم المستحق، مبعث فخر لمن كان بالأمس يستبعد أن يكون.
* إلى غير ذلك من صور الحضور الكبير المشرق للأخ الأصغر هنا وهناك، وهو حضور أثق أن لديك عزيزي القارئ ما يدعمه، ويضيف عليه مسحة من الذكر، والشكر، والإنصاف لأخ قل أو ندر من يكتب عنه، وكلي أمل في أن يجد أولئك الإخوة الأصغر سناً، الكبار مواقفاً، وحضوراً في هذا المقال ما ينصفهم، ويوقد في طريق عطائهم شمعة وفاء، هي لهم حق، وعلينا أقل الواجب.. وعلمي وسلامتكم.