قديماً وقبل عقود؛ كان الطلب على العقول البشرية والمتفوقين في مختلف المجالات - وخاصةً في قطاع الأعمال - بعيداً عن السعودية، بسبب تدني مستويات الأجور، وعدم استعداد القطاع للدفع كما يجب. وكان المتفوقون من أبنائنا يتدفقون إلى الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وإلى دبي التي كانت عامل جذب لمن لا يجد الفرصة متاحة له في الدول الغربية. كما أن فرصة تكوين الأعمال ونقل المستثمرين لها تتم خارج السعودية. وبدأت المملكة من خلال «كاوست» (جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية)، وكذلك «سابك»، في جذب الأدمغة في المجال العلمي، ثم أرامكو من خلال «كاوست» أيضاً في جذب الابتكار والعقول في مختلف المجالات، وكذلك «مسك» وبدورٍ كبير. وبدأت مستويات الأجور في التحسُّن، وظهر قطاع الابتكار بصورةٍ قوية وواضحة، كذلك بدأ رأس المال الناشئ في الظهور، وبدأ معه جذب الأدمغة له، وأصبح من الطبيعي أن نرى المؤتمرات وعوامل الجذب والعرض لرأس المال البشري المبدع والمنتج. وأصبحت السعودية على خارطة الجذب للعقول البشرية وبصورةٍ قوية. وأصبح المجال أمام أبنائنا في الخارج للعودة إلى بلادهم ليفيدوا ويستفيدوا. ولعل ما ساهم بصورةٍ كبيرة في اتساع هذا التوجُّه هو رؤية السعودية ٢٠٣٠ وتطبيقها، والحرص على تحقيقها. وأصبحت مساهمة القطاع الأهلي والمؤسسات شبه الحكومية رافداً مهمًّا في تنمية وتوسيع الاقتصاد السعودي من زاوية الابتكار والتطوير. ولعل فتح أسواق المال ورأس المال التقني ساهم بصورةٍ مباشرة في إحداث التنمية والتطوير المستهدف. وبدأت الخطوات في التسارع من خلال المبادرات المختلفة لجذب الشركات العالمية للاستفادة والمساهمة في أقوى اقتصاد في المنطقة. الأمر الذي ساهم في تحسُّن وتيرة النمو في الاقتصاد السعودي.
لا شك أن المتطلع للمشاريع الضخمة في المملكة تجعلها نقطة جذب للعقول في الشرق الأوسط، وتساهم في إتاحة الفرصة لها في التنمية العالمية، وتحسين المناخ الاقتصادي العالمي. وكون أن الاقتصاد السعودي جزءاً من أكبر عشرين اقتصاداً عالمياً؛ قد ساهم في تسريع العجلة وتمكينها من تحقيق الهدف والتوجه. وبالتالي أصبح المستقبل المشرق هو بدايتنا في العقد الحالي، وتحقيق ما نهدف إليه.