تنزعج المرأةُ التي تجاوزت مرحلة الشباب من سؤال (كم عُمْرِك؟)، وتعتبره سؤالاً استفزازياً لا ذوق فيه ولا لياقة، وربّما كان للإرهاب أقرب منه لسؤال عام وبريء.
وعندما كتب الشاعر الراحل نزار قبّاني قصيدته (رسائل إلى سيّدة في الأربعين) وقال في معرض مخاطبته لها:
سَيُصْبِحُ عُمْرِك نثراً..
ويُصْبِحُ صَدْرُكِ نثراً..
ويُصْبِحُ خَصْرُكِ نثراً..
وسَيَمْلأُ ثَلْجُكِ في الأربعين البراري..
تضجّرْن منه النساء الأربعينيات في الشام والدول العربية، وأقْلَعْنَ عن مطاردة قصائده الجميلة وقراءتها والاحتفاظ بها تحت وسائد النوم، رغم أنَّ أغلبهن من أشدّ المعجبات به لدرجة العِشق والافتتان.
وما زالت المرأة هي المرأة، حتى مع غزوها لوسائل التواصل الاجتماعي ونجاحها اللافت فيها، واكتسابها للملايين من الريالات، ومثلها من المُتابِعِين والمُتابِعات، فضلاً عن الشُهْرة العريضة، مع إجرائها لعشرات العمليات التجميلية في وجهها وباقي جسدها لتبدو أجمل وأصغر، ولله في خلقه شؤون.
وها هي إحدى المشهورات، وفي محاولة للتمويه حول عمرها الحقيقي، تنشر مقطع فيديو لها يبدو لأوّل وهلة أنّها تستذكر فيه التاريخ وتُحلّله بأبعاده الجيوسياسية، لكنّها فقط ركّزت على معلومة واحدة؛ هي أنّها كانت طالبة في الصفّ الثالث الابتدائي عندما غزا عراق صدّام حسين الكويت، واللبيب بالإشارة يفهمُ أنّها تُوجّه عقول متابعيها لحصر عمرها بطريقة غير مباشرة في السنّ الذي تريده هي، بيْد أنّ المفاجأة أتتها من زميلة لها، حيث علّقت عليها بأنّها كانت طالبة في الصفّ الثالث المتوسّط وليس الابتدائي، وهكذا صغّرت نفسها ٦ سنوات بالتمام والكمال!.
وأنا لا أعلم الصادقة من المرأتين، وأتوقّع نشوب حرب ضروس بينهما، لكنّي أشعر أنّ الترميم الصناعي التجميلي الذي تعمله أيّ امرأة قد يُخفي وراءه بعض الحقائق الصادمة والمُرّة عن عمرها، ولا أملك في الختام سوى الدعاء بأن يجعل الله أعمار الرجال والنساء الحقيقية في طاعته ورضاه.