* الأسبوع الماضي وفي طريق عودتي لمنزلي صلّيتُ العشاء في أحد المساجد الذي يقع في حي يغلب على سكانه الثّراء -زادهم الله من فضله- وقبل الصّلاة لاحظت حضوراً يزيد عن المعتاد، أما بعدها فقد ظهر السبب؛ حيث عقد قِرَان أحد جيران المسجد، في تلك اللحظات أتت القهوة وبعض الحلوى، ثم تم القِرَان، ليستقبل العريس التهاني، بعدها انفضّ الجمع بكل هدوء، هذا من جانب الرّجال، أمّا احتفال النساء فيبدو أنه في إحدى الفيلَّات القريبة التي كان يعلوها عقد من الإِنارة.
*****
* أعجبتني جداً ذلك التواضع وتلك البساطة التي قدمتها تلك (الأسرة الكريمة) في أسلوب احتفالها مع ما تمتلكه من قدرات مالية ما شاء الله، ومعها تأكدت قـناعتي بأن (محدودي أو مفقودي الدّخل) هم العموم من يبحثون عن المظاهر المزيفة والكاذبة؛ ففي مثل تلك المناسبات لابد عندهم من قاعة أفراح بعشرات الألوف من الريالات، وهناك تكاليف الوليمة، وما قبلها من استعدادات وهدايا ثمينة إلى غير ذلك من تحابيش؛ طبعاً هذا فيما يسمى بـ(الشبكة) فقط، أما في الليلة الرسمية للزواج فتتضاعف المصروفات وكل ذلك بالقروض من البنوك وشركات التقسيط!
*****
* وهنا إضافة للأعباء المالية التي تتحملها الأسر لسنوات طويلة، تأتي كذلك الديون المتراكمة تضغط على الزوجين في حياتهما، وقد تؤدي لكثرة الخلافات بينهما، الأمر الذي قد يصل بهما إلى الطلاق، الذي زادت معدلاته بصورة كبيرة في مجتمعنا، فخلال عام 2022م؛ تجاوزت الـ(168 حالة يومياً، بواقع 7 حالات طلاق في كل ساعة، وبمعدل يزيد على الحالة الواحدة في 10 دقائق)!!
*****
* بالتأكيد المغالاة في المهور والبذخ في احتفالات الزواج ليست وحدها العلة في ارتفاع نسب الطلاق عندنا، لكنها من العوامل الرئيسة لهذه الأزمة وتلك الظاهرة التي تفتك بالأسر وتحطمها، وهذا فيه تهديد للمجتمع بعامة باعتبار (الأسرة المستقرة) هي الأساس والمنطلق لأمنه ووحدته وتنميته.
*****
* أخيراً المعطيات السابقة وكذا الظروف الاقتصادية، ومعها العقل والمنطق تنادي بإطلاق حملة وطنية توعوية تستخدم الأدوات كافة كـ(منابر المساجد، والإعلام، ومواقع التواصل، وغيرها) لنشر ثقافة الاقتصاد والتوفير في كل ما يتعلق بالزواج من فعاليات واحتفالات، وقبل ذلك أقترح وضع حوافز ومكافآت للمقتصدين في (مظاهر الزواج)، وما أرجوه أن تتبنى ذلك كله المؤسسات ذات العلاقة كـ(تنمية المجتمع وهيئة الأسرة، والشؤون الإسلامية)، وسلامتكم.