احتفل السعوديون خلال الأيام الماضية بيوم العَلَم، الذي شكَّل إضافة رائعة للمناسبات الوطنية، ليُضاف إلى اليوم الوطني ويوم التأسيس، فالعَلَم هو رمز الدولة وعنوان وطنيتها وأيقونة الاعتزاز بالهوية والفخر، لما يحتويه من دلالات عظيمة تشير إلى الرخاء والنماء والعطاء. وهذه المعاني العظيمة تتضاعف بدواخلنا، لأن العلم السعودي يحمل دلائل خاصة، في مقدمتها أنه يحمل في واجهته كلمة التوحيد وشهادة الإسلام، مما جعله الوحيد من نوعه في العالم كله الذي لا يمكن تنكيسه مهما كانت الأحوال والظروف.
ولأن السعوديون عرفوا على مدار تاريخهم بشدة التعلق بوطنهم والانتماء له، وقوة ولائهم لبلدهم، فقد استمدت رايتهم هذه الخاصية، حيث يضعونها هم وسائر المسلمين في حدقات عيونهم، ويحرصون على احترامها وعدم امتهانها أو السماح لأحد بالإساءة إليها.
وبالإضافة إلى كلمة التوحيد، فإن العلم السعودي يحتوي على رسائل واضحة ومعاني غزيرة الدلالات، فالسيف هو عنوان للقوّة والعدل، وهما صفتان أساسيتان اتسم بهما جميع ملوك وأئمة هذه البلاد المباركة، كما أن اللون الأخضر يرمز إلى السلام والعطاء والتسامح، الذي يُعدّ من سمات هذه الدولة المباركة، وكذلك تشير النخلة إلى النماء والازدهار، وبذلك اكتملت منظومة الإبداع في هذه الراية التي كانت وستظل شامخة وخفّاقة إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.
ولا بد من الإشارة إلى أن صدور الأمر الملكي الكريم بأن يكون يوم الحادي عشر من شهر مارس من كل عام يومًا وطنيًّا خاصًّا بالعَلَم السعودي؛ هو رسالة خاصة من مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله ورعاه – تعكس مدى حرصه على تعزيز معاني الهوية الوطنية بين أفراد الشعب السعودي، وترسيخها لدى الشباب الذين هم أساس الأجيال المقبلة، وهو ما سيؤدي إلى تمتين مشاعر الوحدة الوطنية.
ولاحتوائه على هذه القيم والدلالات الإسلامية الخالصة، فإن العَلَم السعودي لم يعد يحظى بالاحترام والتبجيل داخل المملكة فقط، بل إن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يحملون تجاهه أصدق المشاعر، لأنه يتضمن كلمة التوحيد التي يعتزون بها، وتُؤكِّد انتماءهم لهذا الدين العظيم الذي شرف الله المملكة بأن جعلها نقطة انطلاقه للعالم كله.
ومما يزيد من مشاعر فرحنا وغبطتنا أن هذه المناسبة تأتي في وقت تقطع فيه بلادنا أشواطاً عظيمة من التنمية والازدهار، ووصلت إلى مصاف الدول العظمى، نتيجة لجهود مخلصة وطريق طويل وشاق من التحديات والصعوبات.
لكل ذلك، فإن احتفالنا بهذه المناسبة العظيمة هو تعبير عفوي وصادق عن الإرث التاريخي المجيد، وهو ما يُوجب علينا أن نُعبِّر عن محبتنا لهذ الوطن الأبي الشامخ، وأن نرفعه بوصفه رمز سيادتنا، وأن نزين به منازلنا وأماكن عملنا مع ترديد النشيد الوطني، لنغرس في قلوب أبنائنا هذه المعاني السامية، وندفعهم للارتباط ببلادهم، وكل ذلك يُؤجِّج مشاعر العز والحب والفخر والانتماء.
ولا يجب الاكتفاء بذلك، بل من الضروري أن تتحوَّل هذه المناسبة إلى فرصة لتجديد الولاء والطاعة لقيادتنا الرشيدة، التي لم تدخر وسعاً في سبيل ترقية شأن مواطنيها وتحسين معيشتهم، وأن تتحوَّل إلى ممارسات عملية في حياتنا اليومية، تعكس الإخلاص والمحبة لهذا الوطن، والمحافظة على مكتسباته. وعلينا كذلك الاهتمام بتحمُّل المسؤولية الوطنية، والالتزام بالمهام المنوطة بنا لتقديم كل ما من شأنه تلبية حاجات المواطن وتحقيق مصالحه والرفع من شأنه، بما يكفل تقديم خدمات تناسب استحقاقه وتحافظ على كرامته.
وأختم بالقول: إن هذا الاحتفال يُعدُّ فرصة لتعزيز معاني الولاء والطاعة والانتماء والتمسك بوحدة الصف واللحمة الوطنية، والترابط الاجتماعي، ونبذ التطرف والغلو والفرقة والخذلان، والوقوف صفاً واحداً خلف القيادة، وأن يصبح كل منَّا مُعوِّلا للبناء والتعمير، وأن ننصرف إلى ميادين البذل والعطاء، حتى تظل راية التوحيد الأبية عالية وخفاقة.