رجل من رجالات مكة المكرمة الذين قدموا خدمات جليلة لهذه المدينة المباركة.. إنه الشيخ الوجيه عبدالرحمن فقيه... كريم مضياف، داره عامر بالأحباب والأصحاب، كان ولا يزال هو وأبناؤه يدعوني للكثير من المناسبات التي يقيمها في داره بمكة أو في جدة ونادراً ما أتشرف بحضورها لظروف العمل والسفر.
لا يزال في الذاكرة ونحن في مقتبل العمر عندما كان الوالد -رحمه الله- يأخذنا إلى منطقة الهدا لقضاء بعض الأيام، كانت نقطة الانطلاق بعد المرور على حي العزيزية بمكة للتزود بالبيض والدجاج الطازج والسمن (شوكة وملعقة) من محل الشيخ عبدالرحمن فقيه.
عرفت هذه الشخصية العصامية عن قرب خلال فترة تشرفي بإدارة جامعة أم القرى، أفكاره -تبارك الرحمن- غير مألوفة أو من خارج الصندوق، فقد سبق غيره في الكثير من المشاريع التنموية في المملكة، كمشروع مكة وجبل عمر والواجهة البحرية بجدة ومطاعم الطازج وغيرها الكثير.. ناهيك عن المشاريع المجتمعية والتي من أهمها عنايته بالعلم والتعليم العام في البلد الحرام مكة المكرمة.. فقد أنشأ مدارس نموذجية من الطراز الفريد ابتدائي، متوسط، ثانوي.. خرجت الكثير من الرجال الذين خدموا دينهم ومليكهم ووطنهم.. تخرج بعض أبنائي من هذه المدارس الراقية، ومن ما يتميز به الشيخ الوجيه حسن اختياره للرجال الذين يعملون معه؛ فأهنئه على اختيار شخصية تربوية من الطراز الأول لقيادة هذه المدارس النموذجية التي يفخر بها أبناء مكة وهو الأخ والتربوي الكبير الأستاذ ناصر بن مهنا اليحيوي، مدير على غاية من اللطف وطيب الحديث، نشط يتابع كل صغيرة وكبيرة في المؤسسة التربوية التي يقع على قمة هرمها.
لا يزال في الذاكرة عندما كان يستقبلني سعادته في زياراتي للمدرسة بكل بشاشة، خاصة وأنا أتفقد الأبناء وأطلع على سيرهم في الدراسة ومقابلة الكادر التعليمي، للتاريخ مدرسة أشبه ما تكون بجامعة صغيرة مخرجاتها نخبًا من المتعلمين المبدعين.. وكان الوجيه دائم السؤال والاستفسار عن أحوال الجامعة..
زارني مرة في مكتبي أخي الدكتور عبدالرزاق سلطان ناقلاً لي رسالة عتب من الشيخ عبدالرحمن فقيه لعدم إعطائه الفرصة لدعم ورعاية مناسبات الجامعة، وذكر -والكلام لأخي الدكتور عبدالرزاق- أنه على استعداد لخدمة الجامعة في أي مجال، شكرت له ذلك الموقف النبيل غير المستغرب، أسال الله أن يمد في عمره بصحة وعافية وأن يجزيه خير الجزاء على ما قام به من أعمال.