تم الإعلان خلال الأسبوع الماضي عن إحدى أكبر الصفقات في عالم الطيران التجاري، وهي خامس أكبر طلبية لشركة بوينج الأمريكية.. أعلنت المملكة طلب 121 طائرة من طراز 787 لتشمل شراء 39 طائرة، وخيارات لعشر طائرات، والنوايا لشراء 72 طائرة مستقبلا.. وستوزع الطائرات بين شركتي الخطوط الجوية العربية السعودية وطيران الرياض خلال السنوات القادمة؛ لتيسير الوصول إلى هدف رؤية 2030 لخدمة 330 مليون راكب، وجذب 100 مليون زائر سنويا.. وسترفع الصفقة بتوفيق الله من قدرات الناقلات الجوية بشكلٍ كبير، كما أنها ستُقلِّص من هيمنة طائرات الإيرباص الأوروبية على الأساطيل الجوية السعودية لفترة دامت لأكثر من عشرين سنة..
وفي هذا المقال، سألقي الضوء على أهمية ازدياد هذا الطراز في منظومة الطيران المدني في الوطن: لو تأملت في تطور تاريخ الطيران التجاري خلال الخمسين سنة الماضية؛ ستجد أن معدل سرعة الطائرات في حالة انخفاض مستمر، وأن معظم المميزات التي أضافتها تقنيات صناعة الطائرات المدنية كانت مركزة على الفعالية الاقتصادية.. بدءاً من توفير عدد أكبر من المقاعد، وتقليص استخدام الوقود، وتحسين إجراءات التشغيل والصيانة، وتقليص عدد الملاحين الجويين لكل رحلة. ولكن مفهوم الراحة الحقيقي لم يكن من ضمن الأولويات.. بالرغم من تقليص مستوى الضوضاء، وزيادة حجم تخزين الأمتعة الشخصية بداخل الطائرة، وتحسين عمل دورات المياه، وتوفير أنظمة الترفيه للركاب، لم يشهد الركاب خلال النصف قرن الماضي التحسن المتوقع لمستوى الراحة.. وطارت البوينج 787 تجاريا لأول مرة عام 2011، فأضافت جوانب مهمة معنية براحة الركاب ومنها: تحسين البيئة بداخل مقصورة الركاب من خلال توفير مستوى ضغط أعلى مما جعل التنفس أسهل للركاب، فمقصورة الركاب في جميع الطائرات تخضع لتكييف الضغط أثناء تحليقها على ارتفاعات شاهقة، ويتم تكييف بيئتها الداخلية ليشعر الركاب وكأنهم على ارتفاع حوالى ثمانية آلاف قدم طوال الرحلة، وأما الـ787 فتوفر لنا مستوى ضغط أعلى يجعلنا نشعر وكأننا على ارتفاع ستة آلاف قدم..
وهذا الفارق ييسر مستوى أفضل من الراحة بمشيئة الله.. وتحديدًا في منظومة حركة الغازات المختلفة بداخل مقصورة الركاب.. وأهمها التنفس طبعا.. وتتميز الطائرة أيضا بمستوى أفضل من الرطوبة من منافستها، فتحسن من قدراتنا على التذوق والشم خلال الطيران.. وفضلاً لاحظ أن الحاستين تتأثران بمستوى الرطوبة، ولذا فطعم الأكل والشرب خلال الرحلات الجوية يتأثر نظراً للهواء الجاف جدًا..
وإن كان لديك أي شك في ذلك، ففضلا لاحظ كمية الملح التي تضيفها لوجبتك خلال الرحلات الجوية.. ولكن طائرة الـ787 لا تتميز بتقديم المميزات لحاستي التذوق والشم فحسب، فحاسة البصر لها تتمتع أيضاً بنوافذ الطائرة الكبيرة التي تتمتع بمساحة تصل إلى أكثر من خمسين بالمائة من منافساتها، وبالتالي فتسمح بدخول الضوء وتحسن رؤية الركاب.. وموضوع الضوضاء أيضاً أثناء الطيران من المواضيع الجديرة بالذكر، فالمحركات الجديدة سواء كانت من شركة رولز رويس البريطانية، أو شركة جنرال إلكتريك الأمريكية تتميز بمستويات ضوضاء تقل بمستوى حوالى أربعين بالمائة عن منافستها. وأما حركة الطائرة أثناء تحليقها، فهي تتميز أيضا بمستوى ثبات بسبب منظومات تحكم جديدة بالكامل على أسطح الطائرة المختلفة من أجنحة، وذيل، ودفة، وقلابات هوائية..
ومن أهم مزايا الطائرة الجديدة أيضاً، اقتصاديات تشغيلها التي تسمح بربط مطارات متوسطة الحجم.
* أمنيــــة:
البوينج 787 ليست جديدة على أجواء المملكة، فقد دخلت الخدمة في الخطوط الجوية العربية السعودية منذ عام 2016 وتخدم في أسطولها اليوم 18 طائرة أثبتت تفوقها في الأجواء السعودية والعالمية. أتمنى أن تكون إضافة متميزة لمنظومة النقل الجوي السعودية، وللحديث بقية بمشيئة الله.