تعتبر المصاريف الثابتة والاستثمارات الرأسمالية من أهم مُحدَّدات النجاح في عقدنا الحالي، بسبب الاتجاه التصاعدي لأسعار الفائدة بعد مرور عقد من الزمان كانت فيه أسعار الفائدة في الحضيض، وبحق كانت فرصة ذهبية للاستثمار والتوسع. وسيكون ثمن التوسع باهظاً ومؤثراً بشكل كبير، وليس كما كان في العقد الماضي، وبالتالي سيكون قرار الاستثمار المالي أصعب نتيجة للتكلفة؛ في ظل سعي الدولة نحو مشاركة القطاع الأهلي، وتحقيق التنمية الاقتصادية. ويعتبر من مفهوم التقييم أن الدخول في أنشطة جديدة أكبر كلفة، ويتطلب عوائد أعلى من المعتاد، حيث ترتفع تكلفة الأموال مقارنةً بالماضي في ظل المنحنى التصاعدي لسعر الفائدة، مما يجعل المشاريع المتوفرة أقل من ذي قبل، لأن المطلوب منحنا عوائد مرتفعة حتى يتم قبولها. نعم هناك محفزات من الدولة مثل صندوق الاستثمارات الصناعي، وخفض حاجز الدخول للأسواق، ولكن يبقى درجة الاحترافية في دراسة المشاريع وأهميتها، حيث تعتبر الدقة في قياس التوقعات والانتباه إلى التفاصيل، من الأمور المهمة لتحقيق النجاح عند دراسة وبناء المشاريع. وأي إهمال أو تراخٍ في الدراسة وعدم تحرِّي الدقة في أدق التفاصيل، سيكون تكلفته مرتفعة، ومع ارتفاع أسعار الفائدة تبدأ القيود التضخمية في الارتفاع، مما يؤثر على التكاليف وحجمها، وربما تصل لمستويات لاحقاً تجعل التفكير في الاستثمار أمرًا غير ممكن. وعلى الرغم من وجود انفتاح وحاجة ماسة لتوسُّع القطاع الأهلي في الأنشطة والاستثمار في ظل حرص الدولة على مساهمتهم. إلا أنه من المهم أن تتم الدراسات بصورة دقيقة، وحتى استمرارية بعض الأنشطة القائمة، والتي تعتبر التكاليف الثابتة والرأسمالية المرتفعة جزءاً أساسياً منها، ستتعرض لضغط الاستمرارية، ما لم تكن ربحيتها قوية.
ربما سنشهد التوجه نحو الأنشطة ذات الاستثمارات المتغيرة، والتكاليف الثابتة المنخفضة، واحتياجاتها الرأسمالية المحدودة. وربما يجب أن تركز الاستثمارات القائمة على تدعيم مواقفها، ومراجعة أي قرارات رأسمالية بدقة، حتى لا تقع في المحظور. والسؤال المهم: هل سنشهد مبادرات جديدة للدولة لدفع عجلة الاستثمار في ظل ارتفاع أسعار الفائدة، واستمرارها في العقد الحالي؟.