آلافٌ يُصلُّون التراويح في ساحات مدينة نيويورك الأمريكية، وآلافٌ آخرون يتناولون فطور رمضان على مُدرّجات ملعبي نادي تشيلسي اللندني ونادي مانشستر يونايتد الشهيريْن في بريطانيا.. وحمزة يوسف، ذلك المسلم الباكستاني الأصل، يُنتخبُ رئيساً لوزراء اسكتلندا، ويؤمّ أهله للصلاة الإسلامية في مقرّ رئاسة الوزراء الاسكتلندية، ومُلْحِدون ورُهبان وقساوسة عادوا الإسلام أكثر ممّا عاداه (أبوجهل)، ثمّ أسلموا بعد اقتناع، وأصبحوا دُعاة مُخلصين للإسلام، وملايين من مقاطع الفيديو لغير مسلمين وهم يعلنون دخولهم للإسلام، بل وحتّى من لم يدخلوه منهم يُشيدون به وبتعاليمه، وهم بلا ريب في الطريق لدخوله.
فماذا يحصل حول العالم؟ إنّه نبأٌ عظيم، فالإسلام ينتشر انتشاراً واسعاً ومهيباً، حتّى يمكن القول: إنّنا نعيش عصراً من الفتوحات الإسلامية الجديدة.
واللافت هو أنّ الانتشار يحصل دون بذْل المسلمين لأسباب كبيرة سوى الدخول لأراضي غير المسلمين والعيش فيها، ليُصبحوا بشكل غير مباشر دُعاة للإسلام من غير تخطيط ولا مجهود، إلّا بالتحلّي الصادق بالإسلام وإظهار شعائره والافتخار بها، فيُصبحون قُدوة لغير المسلمين.
والمسلمون يختلفون عن اليهود الذين لم يبذلوا أسباب الدخول لأرض فلسطين عندما أمرهم الله بذلك على لسان نبيّهم موسى عليه السلام، ووعدهم أنّه حال بذلهم للأسباب ودخول الأرض المقدّسة من أبوابها فسوف ينتصرون على الكنعانيين الجبابرة الذين يقطنونها، وأنّ الملائكة ستتولّى أمر القتال، وأنّ عليهم فقط دخول الأبواب، فأبوا وطلبوا من موسى أن يذهب هو وربّه فليقاتلا لأنهم قاعدون، ولهذا أؤمن أنّ دخولهم الحالي لفلسطين إثر وعد بلفور المشئوم هو دخول مؤقت وليس دائم، وسوف يعقبه تيه آخر لهم كما حصل في الماضي.
باختصار، نحن أمام دخوليْن، أحدهما يهودي، قسري وعسكري لأرض الإسلام، ومآله تيه وغضب من ربّ العالمين، والثاني هو فتوحات مُبينة للإسلام تكاد تدخل كلّ بيت في أرض غير المسلمين، وتتحقّق معه نبوءة الرسول عليه الصلاة والسلام حين قال: (ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك اللهُ بيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ، إلا أدخَله الله هذا الدين بعزِّ عزيز أو بذلِّ ذليلٍ، عزًّا يُعِزُّ الله به الإسلامَ، وذلًّا يُذِلُّ الله به)، ومن أصدق حديثاً من الله ثمّ نبيّه العربيّ الأمين؟.