شاهدتُ خبراً حدث في مسجد الخليل في العاصمة العُمانية مسقط، إذ يبدو أنّ إدارة المسجد قد لاحظت معاناة الكثير من المُصلِّين من آلام الظهر، وانعكاس ذلك على صحّة وجودة حركات صلواتهم، وحاجتهم إلى التثقيف الطبّي، فقامت باستضافة طبيب استشاري مُتخصّص في العلاج الطبيعي لتقديم محاضرة للمُصلِّين حول طرق التعامل الأمثل مع آلام الظهر أثناء الصلاة؛ وفي غير أوقات الصلاة.
وقد يستنكرُ مُستنكرٌ، أو يستغربُ مُستغربٌ، تقديم مثل هذه المحاضرة في مسجد بدلاً من المستشفى، لا سيّما وأنّ المسجد مُزوّد بشاشة عرض كبيرة لتقديم العروض المُماثلة بالوسائل الحديثة، وبدا المسجد خلال المُحاضرة التي جرت بالطبع بعد الفراغ من الصلاة وكأنّه أشبه بقاعة مؤتمر مهيبة.
وأجزم أنّ هذه فكرة إبداعية مُبتكرة، وغير مألوفة في أوساط المساجد حول العالم، ومُشاركة وجدانية تُسهّل للمُصلِّين الذين ربّما كان بعضهم غير متعلّم بشكلٍ كافٍ، أو غير مقتدر ماليا لمراجعة الأطبّاء المُتخصّصين في آلام الظهر، فجاءه الطبيب للمكان الذي يتألّم فيه من ظهره، وتعكس جوهر ديننا الإسلامي الحنيف في جعل المساجد منارات هُدى إنسانية؛ إضافةً لكونها مراكز لأداء الصلاة التي هي العمود الثاني من أركان الإسلام، وقد أعجبني مُحرِّر الخبر حين وصف الطبيب بأنّه قدّم (زكاة) علمه بهذه المحاضرة؛ كناية عن وجود زكاة لكلّ شيء يُطهِّر بها المرء نفسه، وليس زكاة النقود والذهب والفضّة.
حسناً، ماذا بقي من القول ممّا يمكن قوله؟.. أقول: إنّ مساجدنا هي مراكز اجتماعية مهمّة، ويمكن الاستفادة منها بأفكار إبداعية مُبتكرة أخرى، مثل وليس حصراً، الإصلاح بين الأزواج، وبين الوالدين والأبناء والبنات، ممّا يُقلّل من نسب الطلاق والخلافات الأسرية في الأحياء التي تُوجد فيها المساجد، فضلاً عن تثقيف الناس وتوعيتهم بأمور حياتهم الاجتماعية والصحية، تحت إشراف كامل من إدارات الأوقاف، لتكون أوقات الصلوات وما بينها طاعة وعبادة، وراحة كما كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول لبلال: أرِحْنا بها يا بلال، ويا لها من راحة.