Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

عبدالوهاب أبو سليمان.. فقيه أمة

A A
فرق بين أن تعرف الإنسان عن بعد وأن تعرفه من قرب، والأكبر من ذلك في المفارقة أن تعرف تخصصه العلمي الدقيق وحاجة الأمة لتخصصه عن كونه يحمل شهادة أكاديمية فقط، فمعالي الأستاذ عبدالوهاب أبو سليمان عندما تعرفت عليه وقابلته أول مرة في اللقاءات الفقهية (مجمع الفقه الإسلامي) في كل من البحرين والكويت التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي التي أصبح اسمها الآن منظمة التعاون الإسلامي كنت أرى فيه أنه صاحب هيئة عصرية لا تمت للمشيخة التقليدية بشيء، يتحدث الانكليزية بطلاقة وعندما تناقشه في أي موضوع تتطرق اليه الصحافة المحلية أو العالمية تجده أعمق شخص في فهمه، ناهيك عن تخصصه الدقيق الذي جمع فيه بين أصالته من الناحية الشرعية والتخصصية من ناحية الدراسات الحديثة، شخصية اجتماعية تبرز معالمها من محادثته وعمق معرفته بمكة وأهل مكة وتاريخ مكة فهو «مكاوي» بمعنى الكلمة، يجذبك نحوه أدبه وأخلاقه وتعامله وقمة فهمه للحياة وحقًا استحق أن يكون من هيئة كبار العلماء لانه يحمل فقهًا في تخصصه يزن فقه أمة، وكانت الأمة محتاجة الى من هو فقيه في علم الفقه واصول الفقه المعاصر.

له العديد من الكتب والأبحاث مثل فقه الضرورة وتطبيقاته المعاصرة، والفكر الأصولي وعقد الاجارة مصدر من مصادر التمويل الاسلامية، وله كتب كثيرة في صياغة البحث العلمي، ولم يقتصر انتاجه العلمي محليًا بل شارك بعلمه ومحاضراته في الجامعات العالمية فقد حاضر في جامعة هارفارد وغيرها من الجامعات العالمية، ونقل الى العالم وجهة النظر الشرعية في الأحوال الشخصية والقانونية ويقارنها بالانظمة الحديثة وساعده في ذلك انه كان -يرحمه الله- متمكنًا في تخصصه الشرعي والدراسات الحديثة.

في الجانب الآخر حظي كل ما يخص مكة المكرمة باهتمامه (علماء مكة وتاريخ مكة الزماني والمكاني.....) وهو بالاضافة الى كل ذلك العلم والتخصص الدقيق في الفقه وأصول الفقه والدراسات الشرعية والتاريخية والاجتماعية يملك روحًا حلوة، جاد في عمله، لطيف في تعامله، متواضعًا، وعلى ماهو عليه من علم غزير ومكانة علمية ورسمية كعضو في هيئة كبار العلماء تجده يقترب منك كأنه من أقرب الناس اليك، وعندما شاركت ببعض المحاضرات في اللقاءات الفقهية كناحية من التوضيح العلمي عن الاستنساخ أو الخلايا الجذعية أو أي موضوع بيولوجي في مجال تخصصي أجده هو والدكتور الفاضل محمد علي البار والعلامة الشيخ عبدالله بن بيه من يشجعون ويعضدون.

لقد فقدت الأمة عالمًا متميزًا في تخصصه يجمع بين الناحية الفقهية الشرعية والدراسات الحديثة المرتبطة بحياة الناس ولست هنا بصدد سرد سيرته الذاتية لكن من باب الوفاء له ولعلمه ولمحبة الناس له وأنا واحد من أولئك الذين يحبونه.

كتبت على عجالة هذه المقالة عنه، لكن أدعو بصدق بجمع إرثه العلمي وإنتاجه البحثي وكذا الكتابة عن سيرته الذاتية التي ارشح للكتابة عنها صديق عمره الاستاذ الدكتور عباس طاشكندي عميد شؤون المكتبات المعروف بقدرته على ذلك فهو من أعرف الناس به وأحبهم الى قلبه.

رحم الله عالم الأمة المكي العلامة معالي الاستاذ الدكتور عبدالوهاب ابوسليمان عضو هيئة كبار العلماء سابقًا وجعله في مقعد صدق عند مليك مقتدر وجعل مقامه في عليين بين الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وعزاؤنا لأهله وأسرته وآل ابوسليمان ولأحبابه من أهل مكة وخارجها و»إنا لله وإنا إليه راجعون».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store