.. نعم هي «حرب» بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى..
قلت أكثر من مرة إننا مستهدفون بأشكال شتى، ومن جهات متعددة، ولكن المخدرات تعتبر هي الحرب الأشرس والأقوى، لأنها تستهدف عقول شبابنا وشاباتنا، ولأنها قد تجد سبلاً للوصول إلى عمقنا الاجتماعي، ثم فوق هذا وذاك ما يترتب عليها من دمار وجرائم...
*****
.. وإذا كان العالم يواجه ما أسماه حربًا على المخدرات منذ أكثر من خمسة عقود، فإننا في المملكة واجهنا هذه الآفة منذ وقت مبكر، فكان لدينا جهاز مكافحة المخدرات، كان ولا يزال له دوره، والتفتنا إلى عملية بناء الإستراتيجيات من خلال تشكيل لجنة وطنية قبل 14 عامًا تقريبًا، تضم مجموعة من الوزراء ذوي العلاقة وعدداً من الخبراء، وتم تحديد ثمانية أهداف رئيسة تتعلق بالحد من الانتشار والوعي والعلاج والتأهيل وخلافه.
وفي هذا الصدد كانت هناك تحركات على مسارين: حملات القبض المتلاحقة، والحملات التوعوية التي كانت تطلقها اللجنة..
*****
.. إلا أننا في الآونة الأخيرة أصبحنا نواجه حملات مكثفة وقوية وشرسة من تهريب المخدرات من إيران وسوريا ولبنان، ورأينا تلك الأحجام المهولة، 46 مليون حبة أمفتيامين مهربة في شحنة دقيق، وأكثر من 36 مليون حبة من ذات المخدر في شحنة هيل، وفي تقرير للأمم المتحدة يذكر أن أكثر من نصف الكبتاجون المقبوض في الشرق الأوسط كان في السعودية..!
ثم زاد الطين طوفانًا مدمرًا دخول «الشبو» على الخط، وهو أخطر أنواع المخدرات وأشدها فتكًا، شديد المفعول، سريع الذهاب بالعقل والحواس والأعصاب، يفصل الإنسان عن واقعه ويعيش حالة هلوسة، لا يشم معها إلا رائحة الدم فيقتل أبويه وأهله وأقرب المقربين إليه.. وحدثت فواجع هزت المجتمع السعودي..!!
*****
.. ولذلك كان من الضروري التصدي القوي لهذه الأخطار التي تهدد مجتمعنا وشبابنا وشاباتنا الذين يمثلون المستقبل في صلب رؤية 2030، وكان لها -كعادته في كل خطب- سمو ولي العهد بترؤسه للجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، ليمنحها القوة والأهمية ويطلق حملة واسعة النطاق لمواجهة هذا الخطر المحدق..
*****
.. الحملة بدأت مع مطلع شوال الجاري بالجوانب الأمنية، ومُنح الأمنيون صلاحيات واسعة، مدعومين بتشريعات جادة، ومن الطبيعي أن يكون البدء (أمنيًا)، وأتوقع تتالي الجوانب الأخرى (توعويًا واجتماعيًا وعلاجيًا وتأهيلاً ودعمًا أسريًا) وغيرها..
*****
.. بقي أن أقول:
هذه حربنا جميعًا، وليس رجال أمن فقط، حرب مجتمع بكل أطيافه وشرائحه، من أسر ومدارس وجامعات ومنابر ومؤسسات وهيئات، كلنا معنيون وكلنا مسؤولون.