أُشِيدُ بقرار فحص المخدّرات لموظّفي الدولة وموظّفي القطاع الخاص، وهو ضربة مُعلِّمٍ ناصِحٍ وأمينٍ من الدولة، حمايةّ لمواطنيها ومُقيميها، وهو طريق مفصلي هام في مكافحة المخدّرات التي تجرّ على الفرد الذي يتعاطاها الهلاك والويلات، وليس عليه وحده فقط، بل كذلك على أُسْرته الصغيرة ومجتمعه الكبير ووطنه الأكبر.
والفحص سيبدأ بعد أسابيع، أي في بداية السنة الهجرية الجديدة، وهي مُدّة أكثر من كافية ليعود إلى رُشْدِه من اُبْتُلِي بهذه الآفة الخبيثة من بعض الموظّفين والموظّفات، فالستار الذي كان حاجزاً بينهم وبين اكتشاف الوطن لوضعهم قد يُزال بقوّة السلطان، والله قد يزُعُّ بالسُلطان ما لا يزُعُّ بالقرآن، وخشيتهم من هتك الستار باكتشاف وضعهم هو خيرٌ لهم، وليس شرّاً على الإطلاق، وهذه الأسابيع هي فرصة ولا أشرف ولا أروع لهم لتصحيح وضعهم، وعلاج أنفسهم بمجهود ذاتي أو أُسَرِي لا يعلم به أحد قبل أن يعلم به كلّ أحد، وأنا على يقين بأنّهم إن فعلوا ذلك سيأتي يوم يدعون فيه لصاحب القرار التاريخي الذي عادوا لرُشْدِهم بسببه.
لكن ماذا عن العاطلين والعاطلات؟ هل هم مُستثْنَوْنَ من الفحص بحُكْم عدم وجودهم على رأس وظيفة وغيابهم عن دائرة الوظائف؟ لا أعلم بالضبط، لكنّي أعلم رغم عدم وجود إحصائية لديّ عن نسبة تعاطي المخدّرات في أوساط العاطلين والعاطلات وفي أوساط الموظّفين والموظّفات، وأعتقد أنّ نسبتها في أوساط العاطلين والعاطلات هي أكبر، لوجود سبب قوي قد يضطرّهم لتعاطي المخدّرات، ألا وهو الفراغ المُدمِّر جرّاء النفسيّة التي تكمن في دواخلهم كونهم ليسوا مُنشغلين ولا مُنتجِين في المجتمع ولا مُثْمِرِين فيه، فضلاً عن الحاجة المالية التي يقع فيها العاطلون والعاطلات، فيلجأون للسرقة من أقربائهم لا للعمل ولكن للتعاطي وهذه مفارقة أليمة للغاية.
أنا، وكما قال مارتن لوثر كينج، لديّ حلم، أو (I have a dream) بأن نُصَفِّرَ نسبة البطالة، والمملكة حقّقت قفزات في تخفيض نسب البطالة، وهي بضخامتها وتعدّد فرص وظائفها قادرة على تصفير البطالة للمواطنين، والتصفير هو الضمان بحول الله بأن يكون فحص المخدّرات سلبي أو في أقلّ نطاق، ويا أماننا من المخدّرات، ومن كلّ ما يجرّ إليها ويُسهّل الوقوع في شِرَاكِها، ويا أمان الوطن من أعدائه في الداخل والخارج ممّن تواصوا على الإضرار به.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
