الكلام من الآخر.. أود أن تتحقق أمنيتي بأن تكون التمور السعودية من المكونات الرئيسية للوجبات في جميع الرحلات الفضائية، الموضوع له خلفية تستحق وقفات تأمل: كانت ولا تزال المنظومة الغذائية من مصادر القلق ووجع الرأس لرحلات الفضاء.. وجبات الفضاء كانت من مصادر الخلافات الكبيرة بسبب طعمها الرديء، وتعبئتها غير الشهية، وملمسها الغريب، وتكلفتها الباهظة، في الأيام الأولى لتلك الرحلات، كانت غالباً تُعبَّأ فيما يُشبه أنبوب معجون الأسنان، ولم تكن هناك اعتراضات كبيرة، لأن الرحلات كانت قصيرة الأمد تُقاس بالساعات أو الأيام، ومع امتداد فترتها، أخذ الموضوع أهمية مختلفة، ولكن تلك الأهمية لم تكن واضحة لدى إدارة التغذية في إدارة الفضاء الأمريكية «ناسا»، وتبلورت المشكلة في عدة مواقف اعتراضية.. في تاريخ 23 مارس 1965 قام رائد الفضاء الأمريكي المخضرم «جون يونج» بتهريب ساندويتش لحم مقدد على رحلة فضاء مع زميله «قص جريسوم»، طبعًا انقلبت الدنيا في إدارة «ناسا» عندما حاول الرائدان التهامه على ارتفاع مئة كيلومتر فوق سطح الأرض.. وأدى ذلك إلى تحقيقات وإجراءات تأديبية، وتم إيقاف تهريب المأكولات على الرحلات الفضائية، وتلت هذه الواقعة بعض القصص العجيبة الأخرى، ومنها قضية البصل الأخضر، ومختصرها أن رائد الفضاء الروسي «فالنتين ليبديف» كان ضمن طاقم رحلة مركبة «ساليوت» في السبعينات الميلادية.. أخذوا عينات من البصل لإجراء تجارب لزراعتها في الفضاء لأول مرة في التاريخ.. ويبدو أنهم كانوا في قمة الروقان عندما وصلوا إلى الفضاء، فأكلوا البصل بكل بساطة.. وانقلبت الدنيا في مركز القيادة السوفيتية على الأرض عندما أدركوا أن التجربة العلمية أصبحت في بطون الرواد، ومن القصص الأخرى الجديرة بالذكر أن في رحلة «جيمني 7» كانت هناك مشادة كلامية ساخنة على الهواء بين رائد الفضاء «جيم لوفيل» والمحطة الأمريكية الأرضية بسبب رداءة الغذاء، وهناك قصص أخرى كانت تعكس قمة الخلافات على نوعية الغذاء كانت بين الرواد على سطح القمر في رحلة «أبولو 16» بتاريخ 21 إبريل 1972، وكان سببها الغذاء المسبب للغازات العنيفة، وكانت على الهواء مباشرة، وربما كانت إحدى أهم نقاط التحول في نوعية الغذاء هي في رحلة سمو الأمير سلطان بن سلمان على متن المكوك «ديسكفري» بتاريخ 29 رمضان 1405، عندما حمل معه كميات من التمور السعودية لفك الريق، والمشاركة مع زملائه على الرحلة التاريخية، لا يخفى على الجميع أن التمور بشكل عام لذيذة وعملية فيمكن تنشيفها، وضغطها، وتخزينها، وحملها بسهولة، وتتميز بكثافة غذائية عالية أي أنها مغذية جداً نسبةً إلى حجمها، أضف إلى ذلك أن الله قد أنعم على الوطن بأشكال وألوان مختلفة من التمور الرائعة.. وخلال حوالي ستة أيام من الآن بمشيئة الله؛ ستقوم الرائدة «ريانة البرناوي» والرائد «على القرني» بثاني رحلة فضاء سعودية على مركبة من طراز التنين «دراجون»، وعلى متنها أربعة رواد، وبتوفيق الله سيصلون إلى محطة الفضاء الدولية للقيام بمجموعة تجارب علمية على مدى حوالى عشرة أيام، وخلال فترة الرحلة؛ سيستهلك الرواد ما لا يقل عن مئة وثلاثين وجبة، فلماذا لا تكون التمور السعودية جزءاً من تلك الوجبات، ومن جميع الوجبات الرسمية المستقبلية.. لا شك أن تأهيل أي من المنتجات الغذائية يخضع لمعايير صارمة من قبل قسم التغذية العلمي في وكالة الفضاء الأمريكية، ولكن ما الذي يمنع أن تقوم الجهات السعودية المختصة بطلب تأهيل تمورنا لتكن ضمن مكونات الوجبات الغذائية الفضائية؟
* أمنيــــة:
إن شاء الله سنرى في السنوات القادمة رحلات إلى مدار وسطح القمر، وإلى محطة فضاء جديدة، وإلى المريخ، وكلها ستتميَّز برحلات طويلة الأمد تصل إلى أكثر من سنة ونصف للذهاب والإياب، وتمورنا السعودية هي ضمن أفضل الأغذية لرحلات الفضاء، أتمنى أن تغزو هذه النعمة السعودية الجميلة؛ الأرض والفضاء بتوفيق الله، وهو من وراء القصد.