لا يزال الإعلام الغربي يربط التنمية الاقتصادية والإنفاق الحكومي بالبترول في دول الخليج والمملكة العربية السعودية وأسعاره ارتفاعاً وهبوطاً، وعادةً ما يكون تأثير هبوط أسعار النفط على المدى القصير أو المتوسط حسب رؤيتهم، أنها تؤثر على الاقتصاد، وتتسبَّب في تباطؤه وتراجعه، وفي انتظار تحسُّن الأسعار وارتفاعها، حتى يعود الاقتصاد والتنمية إلى التحسُّن والنمو.
وقد اتخذت السعودية في الواقع توجّهاً وقرارات عدة قبل جائحة كورونا لتحويل الاقتصاد السعودي من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد يعتمد على الوقوف على إمكانياته الذاتية، من خلال دفع مساهمة الاقتصاد المحلي بجميع أفرعه، وتكوين مصادر أخرى، كالضرائب والرسوم، لدعم خزينة الدولة، وهي خطوات مر عليها أكثر من نصف عقد من الزمان، ومن خلال تطبيق رؤية 2030، وتطوير مصادر الدخل وتنميتها وتحفيزها من خلال توجيه الاستثمارات المحلية تجاه مشتريات الاقتصاد، ومن خلال برامج المحتوى المحلي، وبالتالي أسهمت الخطوات التي اتخذت خلال نصف العقد -إلى حدٍّ ما- في خفض الاعتماد على مدخول النفط، كما اتجهت الدولة لتنمية الاستثمارات من خلال برامج صندوق الاستثمارات العامة التي حفَّزت الاستثمار المحلي، ودعمت برامج التنمية المحلية بصورةٍ واضحة،
ويبدو أن الإعلام الغربي يعتمد على الأرشيف أكثر من متابعة الخطط الاستثمارية وما هو قائم على أرض الواقع، وعادةً ما يكون جل اهتمامه بأسعار النفط، والبناء في تقييمه على أن تراجعها سيؤثر سلباً، ونسوا أن قرار تخفيض إنتاج أوبك تم بتوافق دول الخليج، أعضاء أوبك، وباقي الأعضاء مع روسيا.
نحن ندرك أن تأثُّر الاقتصاد العالمي، وتوقعات الركود، كان لها تأثير أكبر من الخفض، وساعدت في خفض الأسعار، وأن خطوة أوبك كانت استباقية، ولو كان اهتمام دول الخليج بالدخل وتراجعه، لما اتخذت خطوات استباقية وخفضت إنتاجها، بل كانت قد تركت الإنتاج على ما هو عليه، ولعل الرؤية القاتمة من قبل الإعلام الغربي ناجمة من أن ارتفاع أسعار الفائدة حالياً يؤثر على قدرة دول الخليج في الاقتراض الخارجي، وبالتالي يرفع تكلفة الإنفاق، مما يجعلهم يتراجعون عن الاستمرار في الإنفاق المحلي، وللأسف نسوا أن قدرات دول الخليج الاستثمارية وبرامج صناديقها، تُمكِّنها من إحداث التنمية الداخلية بكل يسر.. ومن المفترض أن تكون نظرة الإعلام الغربي شمولية ولمختلف الجوانب عند الحكم على التنمية والاقتصاد ونموه، بدل من الربط من جانبٍ واحد.