كل الأمور تزول عنك وتنقضي
إلا الثناء فإنه لك باقي
هكذا قال الشاعر أبو جعفر القرشي قبل أكثر من ألف عام، لم أجد ما ينطبق على جميل سلوك والأثر الطيب الذي تركه سعادة الأستاذ الدكتور محمد بن عبدالعزيز الصالح أمين مجلس التعليم العالي سابقًا وأمين مجلس شؤون الجامعات بعد انتهاء فترة أمانته للمجلس بين زملائه أكثر من هذا البيت لأبو جعفر القرشي؛ فقد عرفت هذه الشخصية المميزة خلال تشرفي بإدارة جامعة أم القرى؛ كان سعادته على درجة عالية من كرم الأخلاق واللطف وطيب المعشر وعذب الحديث والعمل الدؤوب، كان دائم الابتسام في وجه الآخرين تبارك الرحمن.. لا أكون مبالغاً إذا قلت إنه يعتبر مرجعا وأحد أهم عرابي وواضعي الأنظمة واللوائح التي تنظم العمل في التعليم العالي.
كان سعادته لا يمل أو يكل في تعاونه مع الجامعات في تفسير اللوائح والرد النظامي على ما يواجه الجامعات من أمور نظامية في مسيرة عملها اليومي، وكان دائم الحرص في دراسة ما يصله من مجالس الجامعات والانتهاء منها بسرعة وإعادتها بعد اعتمادها من الوزير.
لا يزال في الذاكرة عندما كنت دائم الاتصال بسعادته طالباً رأيه في كثير من الأمور القانونية التي تواجه الجامعة في تلك الفترة، لم يتضجر أو يمل من كثرة اتصالاتي خاصة في بداية تقلدي للمنصب؛ أذكر في إحدى المرات أن طلب مني إرسال الموضوع برمته له على البريد الإلكتروني لدراسته قانونياً وإعادته لي مرة أخرى.
كان سعادته دائم الإشادة بمجالس جامعة أم القرى، لأن قراراتها تتم الموافقة عليها بإجماع أعضاء المجلس نتيجة لدراسة المواضيع جيداً قبل عرضها على المجلس.
ظل سعادته على تواصل معي بعد انتهاء فترة إدارتي للجامعة فلا يمر أسبوع إلا وأتلقى منه اتصالا هاتفيا يسأل ويستفسر.. خلال مروري بعارض صحي ومغادرتي إلى لندن للعلاج كنت أتلقى منه اتصالا شبه يومي يعبر فيه عن أمنياته ودعائه لي بالشفاء العاجل، وأذكر كيف أنه شد الرحال إلى لندن لزيارتي والاطمئنان على صحتي.. وبعد عودتي من رحلة العلاج إلى المملكة بحمد الله وقوته، قام بزيارتي أكثر من مرة في مكة وجدة للسلام والاطمئنان.
والآن من واجبي أن أقول لهذه الشخصية الوفية المتميزة: شكراً ألف حبيبنا، لقد وفيت وكفيت وخدمت بلدك وقيادته بكل أمانة وإخلاص استاذنا الغالي الدكتور محمد الصالح وأنا على ذلك من الشاهدين.