* كان (معالي الوزير) في رحلة سفر بريّة لوحده في (سيارته الخاصة)، التي فجأة انفجرت إحدى عجلاتها -رغم فخامتها- ليفقد السيطرة عليها؛ حيث اصطدمت بـ(مركبة نقل) صغيرة يقودها (أحد الفلاحين المساكين)، والنتيجة احتراق السيارتين بمن فيهما!!
*****
* وضعت (الجثتان) في ثلاجة الموتى انتظاراً لاكتمال إجراءات الدّفن؛ فـ(الوزير) كانت الاستعدادات جارية لنقله بعربة فاخرة مكشوفة، مزروعة بالورود ولوحات التَّأبين، إضافة إلى موكب مهيب يطوف به شوارع المدينة قبل المقبرة؛ أما (الفلاح الغلبان)، فعندما عَلِم ابنه بالخبر، بحث عن سيارة تنقله لدفنه في قريته الصغيرة الفقيرة؛ فلم يجد إلا شاحنة (جارهم تاجر الحمير)، فانطلقَ بها لجلب جثة أبيه!!
*****
* وعندما اقترب من محيط المشفى المقصود واجه زحاماً شديداً، وذلك لأن مسيرة الاحتفاء بـ(معالي الوزير) التي حضرها كبار الشخصيات تُغلق الطرق والميادين، المهم بعد ساعات وصل سائلاً عن (بقايا والده)، ليذهب الموظف المسؤول للثلاجة المقصودة؛ لكنه لم يجد (الجُثّة)، فهرول مسرعاً لمديره يخبره بالأمر؛ حيث حدث (خطأ ما) كانت نتيجته أن المحتفى به في تلك المسيرة هو (الفلاح) والجاثم في (الثلاجة) هو (الوزير)!!
*****
* وهنا طلب المدير من موظفه (الصمت) حتى لا يتعرضوا للعقوبة؛ لتكون النهاية أن (ذلك الفلاح البسيط) فاز بالتكريم والتبجيل بعد وفاته، أما (معالي الوزير)، فكان نصيبه بعد الممات أن يدفن في قرية بعيدة بعد نقله (بسيارة الحمير)!!
*****
* تلك مشاهد تمثيلية شاهدتها في التلفزيون السعودي قبل سنوات، وحملتها إحدى حلقات المسلسل السوري الرائع (مرايا) للمبدع ياسر العظمة، وقد تذكرتها عندما رأيت مسؤول إحدى الإدارات الخدمية، وهو يتحدث مع المراجعين بشيء من الكبر والعنجهية!!
*****
* فحكاية (الوزير) في ذلك العالم الافتراضي الدرامي تخاطبه: تواضع، وانزل من برجك العاجي، وافتح أبواب مكتبك للمساكين من المواطنين، اسمع منهم، وقم بحقوقهم، وتفقد أحوالهم، وزرهم حتى في قراهم النائية؛ فربما تجري الأقدار، وتدفن في تلك الدّيار، ويبقى ما أرجوه من صانعي الدراما اليوم أن يستحضروا حلقات مسلسل (مرايا)، ففيها دروس لهم في كيفية الجمع بين النقد الاجتماعي البناء، والكوميديا الراقية، لعلهم يتوقفون عن السماجة والتفاهة التي يقدمونها، وسلامتكم.