يعتبر برنامج خدمة ضيوف الرحمن أحد أهم برامج تحقيق رؤية 2030، حيث تم اعتماده من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله في 23/9/1440هـ، وهو يستند على ثلاثة أهداف استراتيجية: تيسير استضافة المزيد من الحجاج والمعتمرين.. تقديم خدمات ذات جودة عالية.. إثراء التجربة الدينية والثقافية للحجاج.
ولتحقيق الهدف الأول، وضعت الدولة استعدادات ضخمة وبنى تحتية أساسية منها: التوسعة الضخمة في الحرمين الشريفين، وتطوير منشأة الجمرات، كما افتتحت مطار الملك عبدالعزيز الدولي الجديد بجدة، ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة المنورة، وكذلك اهتمت بقطار الحرمين لسرعة إيصالهم للحرم المكي الشريف والمسجد النبوي، هذا فضلاً عن تطوير محطات النقل والمنافذ البحرية والبرية وغيرها من الخدمات.
وأما الهدف الثاني هو: تقديم خدمات ذات جودة عالية، وهو ما سأُركِّز عليه في مقالي، حيث يتطلب من كافة الجهات في منظومة الحج تحقيق هذا الهدف، ومنها الجهات الصحية، والأمنية، والخدمية، وكذلك خدمات السكن، والإعاشة، والمواصلات، والاستقبال وخدمات المشاعر المقدسة.. ولعل أهم تلك القطاعات في توفير خدمات الجودة والتميُّز، وتحقيق الهدف، هي شركات الحج التي تعني بخدمات ضيوف الرحمن منذ وصولهم إلى مكة وحتى مغادرتهم في نهاية موسم الحج.
وحقيقةً، الجودة ليست بشيء جديد علينا كمجتمع له قيمه، وأخلاقه، ومبادئه، فالإتقان في العمل هو شريعة الله الخالدة، حتى في خلق الكون والإبداع فيه.. بل أرسل إلينا أفضل رسله وأكمل كتبه، وهي معايير أساسية في الجودة لنكون على هدي النبوة ونهج القرآن الكريم، كما قال تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى).
فالجودة تعني الإتقان، والسير على نهج محدد ومعايير واضحة. والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه). إن سياسة وفلسفة الجودة وجدتها معتمدة في إحدى الشركات الناشئة في تقديم خدمات الحجاج، والتابعة لأحد الشركات الكبرى؛ ومن أعلى مستوى في الإدارة العليا، وهذا يدل على وعي القيادة بأهمية الجودة، وأنها ستعمل على رفع مستوى الشركة التنافسية مع بقية الشركات، وتحقيق معدل ربحية أعلى باستقطاب عملاء جدد، لأن (الجودة) تعني تحسين الخدمات وانخفاض التكلفة نتيجة لعدم وجود أخطاء بوجود معايير عالية وخطة محكمة، وأهداف واضحة، تقدم في دليل إلى جميع العاملين في الشركة في الإدارة العليا والوسطى، وحتى مراكز الخدمة، وهذه تساعد على القيام بالأعمال الصحيحة من المرة الأولى، مما يعني أخطاء صفرية بإذن الله.
إنها شركة رواف منى الناشئة، التي ستعمل بالإضافة إلى المعايير والأدلة التوضيحية إلى تدريب العاملين في كافة المجالات الخدمية لتطوير مهاراتهم، ونشر ثقافة الجودة للجميع، لتكون نبراساً للعاملين، وأن ضبط الجودة في الشركة معناه ضبط الأداء، فالوقاية خير من العلاج. ولكن دائماً في الحج هناك متغيرات جديدة ومشكلات طارئة نتيجة لارتباط منظومة الحج بجهات متنوعة «أمنية، وصحية، ومواصلات، وطرق»... وغيرها، وهنا تأتي الخبرة في التعامل مع المستجدات الطارئة، وكيفية إدارة الأزمة، وتخفيض الانحراف في الأداء. إن شركة رواف منى الناشئة لم تكتفِ بتطبيق الجودة في إدارة الشركة، بل تعتمد على رضا العميل وإسعاده، وتعد العدة لقياس رضا العملاء من الحجاج.
هذا الفكر الإداري المتطور يختلف عن فكر إداري في شركة أخرى لم ترغب في قياس رضا العملاء، حيث قال أحد كبار التنفيذيين فيها: إن وزارة الحج تقوم بمهمة قياس رضا الحجاج، وليس الشركة!!. لم يدرك ذلك المسؤول أن وزارة الحج حينما تقيس رضا العملاء؛ فإنها تقيس مستوى أداء الشركات على حسب نتائج الاستبيانات، وتقييم أدائهم، وأن القياس الداخلي للشركة لتحسين الأداء وكشف الثغرات، بعد تحليل البيانات، ثم كيفية سد الفجوات، كل هذا يعمل على التحسين والتطوير المستمر، وإرضاء العميل الداخلي من العاملين والمديرين والمقاولين، وكذلك رضا العميل الخارجي وهو الأهم من ضيوف الرحمن. شكراً رواف منى على التخطيط، لتحقيق مبدأ الجودة والتميز في الخدمات، وهي الخطوة الأهم في تحقيق التنافسية، وكسب عملاء جدد.. ونتمنى أن تحذو جميع الشركات نفس هذا النهج في خدمة ضيوف الرحمن لتحقيق رضا الله سبحانه وتعالى أولاً في خدمة ضيوفه، وثانيا: لتحقيق الهدف الاستراتيجي للدولة، وأخيراً لرضا ضيوف الرحمن، وهي غاية تُدرك بالعمل الجاد والإخلاص والأمانة والدقة والإتقان، فتلك من أهم قيم الجودة الشاملة.