تُوجد مدرسة حكومية متوسّطة للأولاد بجوار بيتي، ومهما أوتِيتُ من جوامِعِ الكَلِمِ فلن أستطيع وصف حالة الفوضى التي تشوب انصراف الطُلّاب منها عند الظهيرة.
سأحاول الوصف بما قلّ ودلّ من الكلام:
كلّنا سمعنا بكلمتي الحابل والنابل، وعند الانصراف يختلط الحابل بالنابل اختلاطاً فوضوياً مُبيناً، وهما، أي الحابل والنابل، ليسا الطُلّاب فقط، بل الطُلّاب ومعهم سيّارات ذويهم، ومن فيها من آباء أو أمّهات أو سائقين أجانب، دون وجود الحدّ الأدنى من التنظيم، فلا تسمع إلّا أبواق السيّارات، وشجار البشر، والجديد من مُفردات الشتائم، ويستمرّ الحال هكذا لمُدّة تُقارب الساعة، وهي أيّ المُدّة تُعتبر المُدّة الأسوأ التي تمرُّ على جيران المدرسة طيلة اليوم، ولا يُلام الجيران إذا استعاذوا بالله من شرّ هذه المُدّة.
أنا شخصياً، وبصفتي متقاعد، وددْتُ أكثر من مرّة تنظيم انصراف طُلّاب هذه المدرسة، لكنّ ساعة الانصراف تُوافق موعد صلاة الظهر في المسجد، والصلاة خيرٌ لي ولكلِّ البشر.
وليست جارتي المدرسة هي الوحيدة بهذا السوء من حالة الانصراف، بل كلّ مدارسنا إلّا ما رحم ربّي، والسبب كما رصدته هو انصراف مديري المدارس قبل الطُلّاب وليس بعدهم، وهذا ليس من المسؤولية بشيء، إذ يُفترض أن يكون المدير أوّل من يحضر للمدرسة وآخر من يخرج منها، وكما يُنظّم ما في داخل مدرسته يُنظّم ما في خارجها المجاور، لا سيّما الانصراف، وهذا مُشاهَد في كلّ الدول المتطوّرة، وحدود أي مدرسة لا تقف عند بابها، والمدير الذي يقبل بالفوضى هو مدير يحتاج لمهارات الإدارة الأساسية، وإن كان اصطناع مثل هذه الفوضى يتولّد من المدارس فقُل السلام على تعليم السلوك الحسن عند الازدحامات، وكفى.
أنا أقترح على وزارة التعليم أن تُلزِم مديري المدارس بتأخير انصرافهم لتنظيم انصراف طُلّابهم، واستشعار المسؤولية الإدارية، وإضفاء النظام الذي هو أساس كلّ نجاح لمدارسهم كما قد يفعلون في بيوتهم، ومدارسنا هي أمانة في رقابنا فلنُحسِن أداء الأمانة، ولنجعل المدارس مصدر سكينة وليس مصدر قلق وإزعاج.