* فقط؛ تحتاج لراوٍ مبدعٍ، وصوتٍ طروبٍ يحكيها..
* بداياتٌ (كسيحةٌ!) لا تنبئ -ابتداءً- عن روحٍ منطلقةٍ وثّابةٍ، ونهايات تستدعى كلَّ علامات الفخر والزُّهو والإعجاب وما بينهما، ومشوار يحمل عنوان الجدِّ والاجتهاد والعصاميَّة؛ ارتكز فيها صاحبها على مرتكزات الضَّغط المكاني والزَّماني، فبلغ جلَّ ما يتمنَّاه من أهداف، وحقَّق بعض ما يصبو إليه من أمنيات.
* إنَّها دنيا الأستاذ الدكتور عبدالمحسن القحطاني، حينما يكون الميلاد، وما بينهما، من سطور مخبَّأة إلى حيث تتجلّى فيها رحلة حياة، ومن ثمَّة إلى الحياة..!!
* ميلاده حضر بتاريخين، وصوت الطفولة صحا داخل بيت شَعَر قشيب الفراش، أمّا بيئته المحيطة فكانت -بحقٍّ- بكرًا خجولةً، ورغم كلِّ هذه المقومات إلَّا أنَّها أخرجت للحياة فارسًا ناجحًا، امتطى جواد العقل، وفتح خزانة ثقافته لكلِّ معلومة شاردة أو واردة؛ حتَّى لو أملاها عليه عجوز هرم ليزهو في النِّهاية بحصيلة تدعونا اليوم لاختزالها في مسارب الحياة ومنعطفاتها؛ فتستقيم حينًا ويصيبها الاعوجاج في أحايين كثيرة.
* عبدالمحسن فراج القحطاني، هكذا هو اسمه في كتبه ومحافله ومحاضراته، وفي مجالسه، رحلة حياة ملأى بالتَّحولات الكبيرة والتَّطورات السَّريعة؛ فكرًا وبناءً طموحًا، وعصاميَّةً عاشها وتعايش معها بقضِّها وقضيضها، ولا مبالغة إذا قلت: إنَّه عاش عمره محكومًا -مجازًا- بقانون صارم؛ إنَّه قانون (البدو) يلبسه أفكاره ومفاهيمه مثلما يلبس البدوي المرتحل مواقع سكنه وملاذ قوته ومعاشه.. فولادته لم تكن في قرية ذات سَمْت جغرافي، ولم تكن في مدينة ملؤها الصَّخب والحركة؛ بل في بيت شَعَرٍ يعرفه بدو الجزيرة العربيَّة أيَّما معرفة، وهم يرتحلون تبعًا للماء، والنَّماء، والعطاء، والكلأ أينما كان، وحيثما حلَّ، إنَّه مورد الحياة ومتنفسها، يجتمع في ذلك بنو الإنسان كما هو الحال في سائر المخلوقات.
* وُلد عبدالمحسن القحطاني في مكان تحوَّل فيما بعد إلى قرية صغيرة، إنَّه مكان بسيط في رسمه وملامحه لا يتعدَّى بئر ماء فقط، ومعها بِركة صغيرة، وحولها تتناثر البيوتات قُربًا وبُعدًا عن الماء الذي يميل مذاقه إلى الملوحة، تشرب منه الإبل والغنم، ويرتاده الإنسان على استحياء وامتعاض.
* ميلاد القحطاني حكاية.. حكاية تتكرَّر مع ناس تلك المرحلة، وتلك البيئة بمعطيات وأسباب كالجهل، وحياة التَّنقل إلى حيث تضيع سنة الولادة، فالبدو في شبه الجزيرة العربيَّة -سابقًا- وفي غيرها لا يعترفون بالتواريخ قَدْرَ اعترافهم بالأحداث التي صاحبتها؛ ومن هنا جاء الاختلاف والتخمين، مع ذلك فميلاده -حسبما جاء في شهادة التّسنين- التي تُطلب عندما يرغب أحدهم الدخول في صومعة المدرسة والالتحاق بها- غير ميلاده المدوَّن في بطاقة الهويَّة الرَّسميَّة، وعلى الرُّغم من الفرق البسيط بين التَّاريخين، فسنة التَّسنين هي (1366هـ)، و(1364هـ) كما تحفظه بطاقة الأحوال؛ إلَّا أنَّه لا أحد -حتَّى اللَّحظة- بمقدوره حسم أي التَّاريخين هو الصَّواب، حتَّى القحطاني نفسه ضائع بين ذينك التَّاريخين.
يتبع،،،