إنّ جائحة كورونا بيّنت هشاشة القطاع الصحي لمعظم دول العالم؛ في وقت بيّنت متانة القطاع الصحي في المملكة وقوته، لأنّ قيادتها جعلت الصحة والخدمات الطبية على رأس أولويات رؤية 2030، وقامت في سبيل ذلك بإعداد الخطة الإستراتيجية لوزارة الصحة السعودية 2030، لضمان تطبيق برنامج تحول القطاع الصحي على أكمل وجه، فجاءت الرؤية في الصحة شاملة الآتي:
1- رؤية 2030 في الطب: حيث يعمل برنامج التحول الصحي على إعادة هيكلة القطاع الصحي، ليكون قائمًا على خدمة الفرد والمجتمع على أكمل وجه؛ إذ تهدف الخطة إلى تحقيق الاهتمام بالصحة العامة وتعزيز الوقاية من الأمراض، وتسهيل حصول الأفراد على خدمات الرعاية الصحية، وتحسين كفاءة وجودة خدمات الرعاية الصحية، وزيادة معدلات رضا المرضى عن الخدمات المقدمة لهم.
وتستهدف الخطة تحقيق عدد من الأهداف بحلول عام 2025، وهي: زيادة نسبة التجمعات السكانية المغطاة بالخدمات الصحية إلى 88%، بغية تسهيل حصول الأفراد على خدمات الرعاية الصحية، وأن يشمل السجل الطبي الرقمي الموحد 100% من سكان المملكة بحلول عام 2025، الأمر الذي من شأنه تحسين الممارسة الطبية، وزيادة قدرة الأطباء على تشخيص وعلاج الأمراض.
2- رؤية 2030 في الصحة النفسية: حرصًا على السلامة النفسية للفرد والمجتمع، نظّمت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض مؤتمراً علميًا بعنوان: «الصحة النفسية للطالب وفق رؤية 2030» يومي الأحد والاثنين 13- 14 ربيع الأول 1444هـ، الموافق 9- 10 أكتوبر 2022م.
وممّا لا شك فيه أنّ المواطن قد استشعر خلال الآونة الأخيرة الجهود المبذولة لتطوير القطاع الصحي، حيث تجلى هذا التطور في الصمود أمام جائحة كورونا ومواجهة آثارها، كما استطاع القطاع الصحي تحقيق العديد من الإنجازات، مما يبشر بأنّنا على سبيل تحقيق أهداف رؤية 2030 في الصحة، ومن هذه الإنجازات:
1- رقمنة القطاع الصحي، وقد ظهر ذلك من خلال إطلاق بعض التطبيقات التي من شأنها تحسين خدمات الرعاية الصحية، مثل: تطبيقي (صحتي)، و(موعد).
2- تقليل نسبة الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق.
3- تقليل الوقت اللازم لتقديم الرعاية الصحية، وزيادة نسبة رضا المرضى عن الخدمات الصحية. وما زالت المملكة تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 في الطب، وبرنامج تحول القطاع الصحي؛ لأنّ الاهتمام بصحة الإنسان بشكل أفضل أحد أهم مرتكزات الرؤية، وذلك من خلال عدة برامج ومبادرات من أهمها ما يتعلق بتهيئة بيئة صحية نقية ومجتمع خال من أي تلوث او منغصات لا تمكنه من التمتع بالصحة الجيدة، واتخذت في سبيل تحقيق ذلك عدة خطوات سواء فيما يتعلق في الشارع وتعاونت مع عدة جهات حكومية، وتوسعت في برنامج المشي، وهيأت أماكن له في أماكن مختلفة.
وساهمت هيئة الدواء والغذاء في التشديد على نوعية الغذاء الذي يفيد الجسم، واتخذت في شأنه العديد من الخطوات منها: تخفيف استخدام الملح في المخبوزات، منع استخدام السكر في العصيرات الطازجة، وفرضت ضريبة على المطاعم التي تقدم الطعام مع الشيشة وجعلته 100%، وطابور طويل من الإجراءات الوقائية من أجل بناء مجتمع صحي، ومن جانب آخر ركزت رؤية 2030 على المرافق الصحية ورفع كفاءتها التشغيلية.
والأمر الذي جعل الصحة من الأولويات المهمة في هذه الرؤية، أنّ نسبة السمنة في المجتمع ارتفعت بشكل لافت وخاصة لدى السيدات وبلغت 60%، وكان مقلقًا حالات الوفيات المبكرة نتيجة الأمراض غير المعدية المزمنة والتي وصلت إلى نسبة 46% ووفق توقعات وزارة الصحة، فإنّ هناك خمسة ملايين حالة مزمنة متوقع زيادتها من 8 إلى 10 ملايين حالة في 2030، ما يعني تهيئة البيئة الصحية ودفع المزيد من الاستثمارات لإنشاء المستشفيات والمراكز الطبية ورفع مستوى الخدمة فيها، بحيث تساعد على إيجاد مجتمع صحي.
والقطاع الطبي الخاص له دور مهم في المرحلة المقبلة ليشارك بفعالية، سواء في تصنيع الأدوية والأجهزة الطبية، وأيضًا التوطين، ليساعد على تقليل فترات الانتظار، وتأتي هذه المشاركة مع القطاع الخاص من أجل تحقيق التوازن وتقاسم المخاطر والمسؤوليات بين الجهات العامة والخاصة.
أمّا القطاع الطبي الخاص، فقد أخذ مبادرات منذ سنوات من أجل المساهمة مع وزارة الصحة في تقديم الخدمات الطبية المتنوعة، بل وصلت إلى مرحلة الثقة والكفاءة المهنية في العاملين فيها إلى درجة عالية، بل إنّ عدد كبير وخاصة في بلد مثل السعودية لديها نحو 12 مليون وافد، هؤلاء جميعهم يستفيدون من الخدمات الطبية الأهلية، وتستفيد منهم شركات التأمين، وبالتالي اليوم هناك حاجة إلى زيادة عدد المستشفيات الأهلية.. وبرزت عدة مستشفيات أهلية كبيرة في عدد من المناطق تحوّلت إلى شركات مساهمة مفتوحة وطرح جزء من أسهمها للاكتتاب، وقد وصلت التشريعات ونظام الحوكمة في القطاع الصحي الخدمي إلى مرحلة يثق فيها المجتمع، ومن المهم دفع مثل هذه التوجهات نحو الأمام، لكي نُوجد فرص منافسة سعرية، والمستفيد منها طبعًا المراجع الذي سيحظى بخدمات أفضل.