- من انطباعاتي الخاصة، يمكن وصف ما يحدث اجتماعياً ونفسيّاً بتفاقم القلق والتوتر والتوجّس.. فمع ازدهار الإنتاج والرفاهية والازدهار الاقتصادي والتقني، تتّسع الهوة بين الفقراء والأغنياء.. وبهذا النمط «الذّكيّ» المُتسارع، لا يبدو أنّ الإنسان سوف ينعم بالطُّمأنينة النفسية خلال العقود القادمة.
- ما يحدث، هو ازديادٌ ملحوظ للأنانية المُفرطة والتوحّش، وطغيان هوس الاستحواذ والغلَبة والتكسّب بأي طريقةٍ كانت، أخلاقية أو غير أخلاقية.. ويعود ذلك إلى استفحال مشاعر الخوف والقلق الوجودي، وانحسار الرحمة.. إنها حالة إنسانيةٌ تبعث على الرُّعب.
- عموماً، ما يحدث من تغييرات وتطورات اجتماعية ثقافية في مجتمعات منغلقة نسبياً، متوقعة وغير مستغربة، ومن الحكمة التعامل معها على أساس أنها مرحلية ظرفية ناتجة عن عوامل اجتماعية سابقة لا يمكن الاستمرار في الوقوف عندها.. لكن من المهم دراسة تلك التغيرات وبحثها واحتواؤها، بصورة صحية دون تشنج.
- في واقع الأمر، كلُّ ما يحدث لك، أنك تنجو من يومك فحسْب.. الحياة غير آمنة تماماً، وينبغي عليك أن تكون ممتنّاً لأنك عشتَ يوماً جديداً، أو أنجزت إنجازاً مُعتبراً فحسب.. أما إن لم تنجُ من فِخاخ الحياة ومصائدها، من مرضٍ وكدر وفشلٍ ومعاناة وموت، فهذا ليس بمُستغرب.. بل هو طبيعةُ الحياة وأصلها الثابت.
- كان من الممكن أن تُوظَّف فكرة حتمية الموت لصالح التآخي والسّلام، وأن ترتبط بالخير وصلاح البشريّة، وتفادي الحروب وتجنّب اضطهاد الإنسان لأخيه الإنسان، لكن هذا لم يحدث. فالتّساوي في الموت، على عدالته، لا يُرضي أحداً، والفناء الحتمي، لا يُجدي نفعاً في ضبط الأخلاق الإنسانية وتحسّن السلوكيات الفردية والعامّة، بل إنّ الخوف من الموت، سببه الأساس حزنُ الإنسان من عدمِ كونه موجوداً لمعرفة ما سيحدث بعد وفاته.. أي يكمن السبب في عدم تصوّر الحياة من غير وجوده فيها، إنّها لعنة الأنانية الفظيعة.
- يحدث نادراً أن تلتقي بشخصٍ تكون أنت وهو في نفس المرحلة الفِكرية.. مررتُما بالظّروف النفسية والاجتماعية ذاتها، ولكما الأفكار نفسها في مراحل حياتيّة مُتقاربة.. فإذا التقيتَ به، فلا تتركه يغيبُ عن ناظريك، تمسّك به جيّداً.. فهو قد يكون منجاتُك من غربتك، وإنقاذاً لك من براثن الأحزان التي تتسبّب في ذبول روحك.