أستعير هذه العبارة من معالي الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي -يرحمه الله-، الذي أصدر كتاباً بعنوان: (خمسة أيام في ماليزيا)، ضمن سلسلة إصدارات المكتبة الصغيرة، وقد نالت ماليزيا إعجابه آنذاك.
والأيام الرائعة التي قضيتها في الرياض كانت حافلة بالعديد من الاكتشافات والمناسبات وبعض الزيارات، لا سيما لأصحاب الفضل ممَّن تجاوزوا الثمانين يحفظهم الله.
وقد شملت حضور حفل تخرج سبطي من مدارس المملكة، والعرض الفني المتميز للأبناء الخريجين، ومشاركتهم في العرضة النجدية والسامري.
اليوم التالي شمل جولة على الرياض، وقد أعجبت بكل ما رأيته من إنجازات تنموية رائعة، ولم يستوقفني سوى تأخُّر البدء في "القدية"، والتأخير في تشغيل المترو الذي يبدو للوهلة الأولى أنه مكتمل، باستثناء بعض المحطات في شارع العليا والتخصصي، كما شملت الزيارة مكتبة الملك عبدالعزيز. وكنت أستهدف مشاهدة معرض الجمل عبر العصور الذي كان يهدف إلى الإثراء المعرفي لجوانب مهمة من التراث الحضاري الإنساني من عصور بعيدة، والعلاقة الحميمة بين الإنسان والجمل.
الذي أعرفه سابقاً، هو اهتمام سمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد ومؤسسة ليان الثقافية بالفروسية، حيث صدر عمل موسوعي ضخم عن الخيل عبر العصور بمباركة من الملك عبدالله -يرحمه الله-، ومساندة من خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز (أمير منطقة الرياض - آنذاك). وأذكر أنه في الندوة المصاحبة كان من بين المتحدثين أ. د. عبدالرحمن الأنصاري، الذي ذكر أن الخيل مع أهميتها في التاريخ إلّا أن الإبل كانت أهم من الخيل عند الشعوب، لأنها تتحمل اجتياز الصحاري وصعود الجبال، وهو سفينة الصحراء، والمنافع منه لا حصر لها.
ولا غرو أن تصدر مجموعة الجمل عبر العصور، وأن يُهدى ذلك العمل للأستاذ الدكتور الأنصاري، عالم الآثار بالمملكة والجزيرة والعالم العربي، تقديراً ووفاء له يرحمه الله.
كما لفت نظري في المعرض العديد من مقتنيات (ليان الثقافية) التي تستحق التوقف والتأمل.
ومن مكتبة الملك عبدالعزيز في اليوم التالي إلى المتحف الوطني السعودي في قلب البلد المحتوي على ثماني قاعات، وتم البدء من قاعة (الإنسان والكون)، ثم قاعة (الممالك العربية القديمة)، ثم قاعة (العصر الجاهلي)، ثم قاعة (البعثة النبوية)، ثم قاعة (الدولة السعودية الأولى والثانية)، وقاعة (الحج والحرمان الشريفان)، ولم يتسنَّ الوقت للبقية.
ولعل اللافت ليس المعروضات والصور فحسب وهو الجوهر، ولكن روعة التصميم الهندسي لهذا المتحف الرائع خارجياً وداخلياً.
إحدى الأمسيات كانت من نصيب حي البجيري في الدرعية؛ الذي جمع بين التراث والمعاصرة وجمال التصاميم والتنفيذ، والأجواء الرومانسية المحيطة بذلك المكان من مقاهٍ ومطاعم بكل ما تضفيه من أبعاد جمالية وترفيهية.
لقد كشفت رحلة الأيام الخمسة النقاب عمّا تمتلكه هذه المدينة من تنوّع وحضور وجمال، نستحضر معه ما قاله الشاعر:
فأنتِ الرياضُ وأنتِ الهَوى..
وأنتِ الأماني بدربِ الجوى..
وأنتِ الرديفُ لمعنى النماء..
وأنتِ الشعورُ بقهرِ النَّوى..