رغم النهضة الحضارية التي تشهدها بلادنا الحبيبة في مختلف المجالات السياسية، الاقتصادية، السياحية، الرياضية، رغم التطورات المتلاحقة على كافة الأصعدة، بداية بالتأثير الجوهري على المواقف الدولية، ومروراً باعتلاء علمها منصات المحافل العالمية، وانتهاءً بحالة الانتعاش التجارية، وفورة المواسم الترفيهية، لا يزال هناك مسؤولون عاجزين عن مواكبة هذه المتغيرات العصرية المتسارعة، ما جعل المستفيدين من خدماتهم المصيرية يعيشون (على هامش الحياة)!!
على هامش الحياة: يلاعب ذلك الجامعي العاطل ولاعته بيده، وهو مستلقٍ على ظهره أمام التلفاز وسط غرفته، يسند رأسه المثقلة بالأفكار إلى التكاية، وقد امتلأت طفايته بأعقاب السجائر، وصوت والدته المكلومة يأتي من وراء الباب: "طيب رد، اسخن لك أكل، من أمس ما حطيت لقمة بفمك"!!
على هامش الحياة: تغرق تلك العمائر والفلل الحديثة، في وحل الشوارع المكسرة، الحفر العميقة، المياه الطافحة والآسنة، جراء افتقادها للبنية التحتية وتصريف المجاري، جراء تهميش بلاغات الأهالي، فيما يقف أحد الملاك أمام عمارته بسروال وفنيلة واضعاً يده على خصره، وهو ينظر بحسره لذلك المستأجر، الذي حمل أثاثه وعزم على الرحيل لأحياء راقية، حتى لو كانت غالية، بعد أن ازكمت الروائح أنفه، وتهربدت سيارته، وتفشى الربو بصدور أبنائه!!
على هامش الحياة: تجلس تلك العائلة المتعففة، التي لا يستهويها الظهور بمواقع التواصل الاجتماعي، أو بثوث التيك توك، بائسة، تبحث عن مصدر رزق حلال، بعد أن باءت كل مشاريعها الصغيرة بالفشل، سواء: البسطة أو عربة (الفود تراك)، لثقل الغرامة، وشح الموارد المالية، وانعدام دعم الجمعيات الخيرية!!
على هامش الحياة: تضع تلك المرأة الأربعينية حفيدتها على الأرض، لتكمل مكالمتها الجماعية مع زميلاتها اللاتي عزمن على تدشين هاشتاقين، أحدهما يحاكي معاناتهن: تنفيذ توصية كليات التربية، والآخر يحاكي معاناة صديقاتهن: الدراسات الاجتماعية يطالبون النقل، ليمر الهاشتقان مرور الكرام، وتظل أحلامهن البائسة أشبه ما تكون بتجارب الجثث البشرية المجمدة بسائل النيتروجين، منذ عقدين، على أمل إعادتها للحياة من جديد!!
على هامش الحياة: يحرك ذلك المتقاعد نظارته السميكة لتقف على أرنبة أنفه، متفحصاً رسائل الواتس اب، قبل أن يعدل من جلسته، ويعود متلهفاً لقراءة خبر عاجل: "دراسة لإقرار تأمين طبي وزيادة المعاش ليواكب غلاء المعيشة"، لكن مدير القروب (عقاب) سرعان ما يفسد فرحته معقباً: إشاعة، إشاعة!!
إننا أمام نهضة حضارية غير مسبوقة، كل ما تحتاجه ليعم خيرها، معالجة ما أوردناه بعاليه -على سبيل المثال لا الحصر- وذلك بالاستمرار بقرارات الحزم والعزم، وإعفاء كل مسؤول عجز عن مواكبة المتغيرات العصرية المتسارعة، وركنه بعيداً عن مصالح البلاد والعباد، ليظهر منعزلاً بمجلسه يلاعب ولاعته أو يقلب رسائل جواله، فتعيش أحلامنا بيننا، ويعيش هو ما تبقى من عمره (على هامش الحياة)!!.